وكان قدس اللّه روحه يجالس الفقراء وأهل المسكنة ويكابر أهل السير والعفة ويميل إليهم ، وكان يرد الهدايا والوصايا إلى بيت المال وكان يكثر ذكر الصالحين وإذا خلى بنفسه يتلو القرآن بصوت حزين إلى آخر ما ذكره (١).
وقال الزركلي : أحمد بن الحسين بن هارون الأقطع ، من أبناء زيد بن الحسن العلوي الطالبي القرشي ، أبو الحسين : إمام زيدي ، من أهل طبرستان. مولده بها في آمل ، ودعوته الأولى سنة ٣٨٠ بويع له بالديلم ولقب بالسيد « الموَيد باللّه » ومدة ملكه عشرون سنة. وكان غزير العلم ، له مصنفات في الفقه والكلام ، منها « الأمالي » و « التجريد » في علم الأثر ، و « شرحه » في أربعة مجلدات (٢).
أقول : له ترجمة ضافية في مقدمة الجزء الأوّل من كتابه « شرح التجريد في فقه الزيدية ».
وما ذكره حسام الدين المحلي من أنه كان إمامياً ، ثم صار زيدياً ، حقّ ، وقد نبه بذلك الشيخ الطوسي في أوائل كتاب التهذيب ناقلاً عن الشيخ المفيد أنّه قال : إنّ أبا الحسين الهاروني العلوي كان يعتقد الحقّ ويدين بالاِمامة فرجع عنها لما التبس عليه الأمر في اختلاف الأحاديث وترك المذهب ، ودان بغيره لما لم يتبين له وجوه المعاني فيها. وهذا يدل على أنّه دخل فيه على غير بصيرة واعتقد المذهب من جهة التقليد ، لأنّ الاختلاف في الفروع لا يوجب ترك ما ثبت بالأدلة من الأصول (٣).
أقول : قد ذكرنا علل اختلاف الأخبار المروية عن أئمة أهل البيت وذكرنا أسبابها المختلفة ، مقرونا بالشواهد في محاضراتنا في الأصول (٤) وكان الشيخ أبا
__________________
١ ـ حسام الدين المحلى : الحدائق الوردية : ٢ / ٦٥ ـ ٦٦.
٢ ـ الزركلي ، الأعلام : ١ / ١١٦.
٣ ـ الطوسي : التهذيب : ١ / ٢ ـ٣.
٤ ـ المحصول : ٤ / ٤٢٩ ـ ٤٣٧.