أي لاتقولوا لمن يقتل في سبيل اللّه هم أموات بل هم أحياء ، ولكن لا تشعرون بهذه الحياة عند مشاهدتكم لأبدانهم بعد سلب أرواحهم ، لأنكم تحكمون عليها بالموت في ظاهر الأمر بحسب ما يبلغ إليه علمكم ، الذي هو بالنسبة إلى علم اللّه كما يأخذ الطائر في منقاره من ماء البحر وليسوا كذلك في الواقع بل هم أحياء في البرزخ (١).
ومن جانب آخر يرى التوسل بالأنبياء مخالفاً للذكر الحكيم وقد أفاض الكلام في الاِنكار على التوسل عند تفسير قوله سبحانه : « قُل لا أملِكُ لِنَفسي ضَرَّاً ولا نَفعاً إلاّ ما شاءَ اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةً أجَلٌ إذا جاءَ أجَلُهُم فلا يَسْتَأخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُون » (يونس ـ ٤٩) فقد ذكر في تفسير الآية نفس ما ورثه من ابن تيمية ولاعق قصعته محمد بن عبد الوهاب (٢) ولولا خوف الاِطالة لأتيت بنص كلامه ليقف القارىَ على وحدة النسج ، وبما أنّنا أفضنا في الجزء الرابع من هذه الموسوعة الكلام في التوسل ، نطوي الكلام غير أنّا نذكر هنا نكته وهي :
إنّ المتوسل لايدّعي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يملك نفعه أو ضرّه ، حتى يقال : إنّه لا يملك نفع نفسه ولا ضره ، فكيف بغيره ، وإنّما يقول : إنّ الأنبياء والصديقين والشهداء أحياء حسب ما قرره الشوكاني ، والصلة بيننا وبينه موجودة ، فنطلب منهم الدعاء كما نطلبه منهم في حال الحياة ، وربّما توسل بذواتهم ومقاماتهم ، وذلك لاستمطار رحمته سبحانه ، وجلب رضوانه ، والمخاطب الحقيقي لقضاء الحاجة هو اللّه سبحانه والركائب مناخة على أبوابه سبحانه.
رابعاً : إنّ الشوكاني وإن كسر قيد الالتزام بمذهب الزيدية ، ولكنّه لم يتخلّ عنه تماماً في بعض الموارد من تفسيره فربما يذكر بعض الروايات الدالّة على إمامة
__________________
١ ـ فتح القدير : ١ / ١٥٩.
٢ ـ فتح القدير : ٢ / ٤٤٦ ـ ٤٥٠.