جاء واسعاً رحباً ليستوعب مختلف قضايا البشرية في مختلف المجتمعات والعصور ويضع لها الحلول الاِيجابية الناجعة ، وإلاّ لما كان القرآن آخر الكتب السماوية المنزلة ، ولما كان محمد خاتم الرسل والأنبياء وآخرهم حتى قيام الساعة (١).
فإذا كان هذا هو الطابع الأوّل للمذهب الزيدي فمن المستحيل نسبه إلى الاِمام الثائر زيد الشهيد الذي لم ترث منه الزيدية إلاّ بضع أحاديث من غير تحليل.
والكلام الحقّ إنّ الزيدي عبارة عن من يقول بالعدل والتوحيد وإمامة زيد ابن علي بعد الأئمّة ، الثلاثة علي والسبطين عليهمالسلام ووجوب الخروج على الظلمة ، واستحقاق الاِمامة بالفضل والطلب ، هذا هو العنصر المقوم في كون الرجل زيدياً ، وأما سوى ذلك مما يوجد في كتبهم فهو عطاء علمائهم المفكرين طيلة القرون.
وهناك من أعلام الزيدية من يصرّ على خلاف تلك النظرية ، فيرى أنّ إطلاق اسم الزيدية على أتباع الاِمام زيد يرجع إليه مستدلاً بقول الاِمام محمد بن عبد اللّه النفس الزكية : « أما واللّه لقد أحيا زيد بن علي ما دثر من سنن المرسلين ، وأقام عموداً إذا اعوجّ ولم ننحو إلاّ أثره ولم نقتبس إلاّ من نوره » (٢).
يلاحظ عليه : أنّ النص لا يدلّ على وجود التسمية ، كما لا يدل على أنّ هناك منهجاً كلامياً أو فقهياً لزيد الثائر ، وإنّما يدلّ على اتباع أثره في أصل واحد وهو الثورة على الظالمين لاِحياء ما اندثر من السنن ، ونحن بدورنا نجلّ زيد الشهيد عن أن يفرق وحدة المسلمين وبالأخص شيعة جده أمير الموَمنين ويقسمهم إلى زيدي وغير زيدي فيوسع الصدع بدل رأبه ، قال سبحانه : « قُلْ هُوَ القَادِرُ على أن
__________________
١ ـ الفضيل شرف الدين : الزيدية نظرية وتطبيق / أ.
٢ ـ تقديم السيد مجد الدين على كتاب الزيدية نظرية وتطبيق / د.