إلى الحقّ وولديه المرتضى والناصر عليهمالسلام نصاً أو تخريجاً ، ثم توسعوا في ذلك فصاروا يذهِّبون على ما ترجح عندهم على مقتضى تلك القواعد وإن خالف نصّ الاِمام الهادي إلى الحقّ عليهالسلام ، الذي هو إمام المذهب على التحقيق فضلاً عن غيره ، ولهذا رجّح كثير من الأئمّة الأعلام للمتابع أن يأخذ بالنص ويترك التخريج المخالف له ومنهم الاِمام المجدد للدين المنصور باللّه القاسم بن محمد فإنّه ضعف التخاريج غاية التضعيف وبسط القول في ذلك بما فيه الكفاية في كتابه الاِرشاد وكذا غيره من الأئمّة عليهمالسلام (١).
والذي يثبت أنّ المذهب الزيدي حصيلة التفكير الحرّ في الكتاب والسنّة ولايمت إلى الاِمام زيد ، هو وجود الاجتهاد وعدم غلق بابه خلال العصور المتقدمة ، من دون أن يتخذوا آراء الاِمام الواحد حقاً غير قابل للخدش كما عليه الأحناف والشوافع والحنابلة والمالكية.
يقول الفضيل شرف الدين : العلم المميز للمذهب الزيدي على امتداد التاريخ الاِسلامي هو التجديد المستمر دون التقيد باجتهاد فرد واحد من أئمته أو علمائه أو التمحور الفكري حول ما توصلوا إليه من اجتهادات. فإنّ المطّلع المتتبع لتاريخ الفكر الزيدي يعلم بأنّه بقي منفتحاً على جميع المذاهب الاِسلامية المعتبرة يأخذ منها ماله أساس ومستند من كتاب اللّه والصحيح من سنّة رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم دونما تعصب ، أو جمود ، أو انغلاق ، بل أنّ من قواعد المذهب عدم جواز التقليد عند المتمكنين من العلماء القادرين على استنباط الأحكام من الكتاب والسنّة. وبذلك بقي المذهب وعلماوَه روّاد تجديد وإصلاح يعملون لاِيجاد حلول لمختلف قضايا الحياة المتجدّدة في كل العصور إيماناً منهم بأنّ الدين الاِسلامي
____________
١ ـ تقديم السيد مجد الدين على كتاب الزيدية نظرية وتطبيق / و ـ ز.