وقال النوبختي عن الجارودية : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نصّ على عليّ عليهالسلام بالوصف دون التسمية ، والناس مقصرون إذا لم يتعرفوا الوصف ولم يطلبوا الموصوف (١).
وربما يعبرون بأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نصّّ على ولاية الاِمام نصاً خفياً غير جلي.
هذه الكلمات ونظائرها توجد ، في التعبير عن المذهب الجارودي في مقام الاِمامة.
وأمّا السليمانية أو الجريرية فأظهروا المرونة أكثر من الجارودية ، فقد قالوا : إنّ الاِمامة شورى وأنّها تنعقد بعقد رجلين من خيار الأمّة ، وأجازوا إجازة المفضول وأثبتوا إمامة أبي بكر وعمر ، وزعموا أنّ الأمّة تركت الأصل في البيعة لها ، لأنّ علياً كان أولى بالاِمامة منهما ، إلاّ أنّ الخطأ في بيعتهما لم يوجب كفراً ولافسقاً (٢).
والذي أظن ـ وظنّ الألمعي صـواب ـ أنّ النظرتين قد صدرتا تقية وصيانة لوجودهم بين أهل السنّة. ومع أنّ الزيدية يرفضون التقية كما سيوافيك ، ولكنّهم عملوا بها حيث لا يشاوَون ، فإنّهم قد عاشروا أهل السنّة في بيئة واحدة ومجتمع واحد تربطهم أحكام واحدة ، حيث رأوا أنّ التعبير عن واقع المذهب أي وجود النصّ على الاسم وإن شئت قلت : وجود النصّ الصريح يستلزم تفسيق الصحابة ، وهذا لا يتلائم وطبيعة حياتهم ، فلذلك جعلوا من هذا التعبير واجهة لعقيدتهم الواقعية فجمعوا ـ حسب زعمهم ـ بين العقيدة والهدف في الحياة. كيف وأئمة أهل البيت عليهمالسلام عن بكرة أبيهم يرون النصّ على خلافة علي عليهالسلام وهذا المميز لشيعة أئمة أهل البيت عن غيرهم. والذي يميز الشيعة عن غيرهم من الفرق هو هذا العنصر فقط ، وما سوى ذلك عقائد كلامية مستخرجة من الكتاب
__________________
١ ـ النوبختي : فرق الشيعة : ٧٤.
٢ ـ الأشعري : مقالات الاِسلاميين : ٦٨ ، البغدادي : الفرق بين الفرق : ٣٢.