صحابته المكرّمين الموَيدين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد :
التوحيد
[ الدلالة على أن اللّه تعالى خالق العالم ]
أيّها الطالب للرشاد ، والهارب بنفسه عن هُوّة الاِلحاد.
فإذا قيل لك : من ربك؟
فقل : ربي اللّه.
فإن قيل لك : بم عرفت ذلك؟
فقل : لأنّه خلقني ، ومن خلق شيئاً فهو ربّه.
فإن قيل لك : بمَ عرفت أنّه خلقك؟
قل : لأنّي لم أكن شيئاً ثم صرتُ شيئاً ، ولم أكن قادراً ثم صرت قادراً ، و [ كنت ] صغيراً ثم صرت كبيراً ، ولم أكن عاقلاً ثم صرت عاقلاً ، وشاهدت الأشياء تحدث بعد أن لم تكن ؛ فرأيت الولد يخرج ولا يعلم شيئاً ، ثم يصير رضيعاً ، ثم طفلاً ، ثم غُلاماً ، ثم بالغاً ، ثم شاباً ، ثم كهلاً ، ثم شيخاً. ثم رأيت نحو ذلك من هبوب الرياح بعد أن لم تكن ، وسكونها بعد هبوبها ، وطلوع الكواكب بعد أُفولها ، وأفولها بعد طلوعها ، وظهور السحاب وزواله ، وكذلك المطر والنبات والثمار المختلفات. وكل ذلك دلائل الحدوث.
وإذا كانت محدَثة فلا بد لها من محدِث ، لأنّها قد اشتركت في الجسميّة ، ثم افترقت هيئاتها وصورها ؛ فننظر سماءً ، وأرضاً ، وثماراً ، وأشجاراً ، وآباراً ، وبحوراً ، وأنهاراً ، وإناثاً ، وذكوراً ، وأحياءً ، وأمواتاً ، وجمعاً ، وأشتاتاً.