فصل [ في أنّ اللّه تعالى قادر ]
فإن قيل : ربّك قادر ، أم غير قادر؟
فقل : بل هو قادر ؛ لأنّه أوجد هذه الأفعال التي هي العالم ، والفعل لا يصح إلاّ من قادر.
أوجده تعالى لا بمماسّة ، ولا بآلة : « إنَّما أمْرُهُ إِذَا أرادَ شَيْئاً أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون » [ يس : ٨٢ ].
فصل [ في أنّ اللّه تعالى عالم ]
فإنّ قيل : أربك عالم ، أم غير عالم؟
فقل : بل هو عالم ، وبرهان ذلك ما نشاهده فيما خلقه من بدائع الحكمة ، وغرائب الصنعة ؛ فإنّ فيها من الاِحكام والترتيب ، ما يعجز عن وصفه اللبيب ، [ وكل ذلك لا يصح إلاّ من عالم ، كما أنّ الكتابة المحكمة لا تصح إلاّ من عالم بها ، وهو تعالى لا يختص بمعلوم دون معلوم ، فيجب أن يعلم جميع المعلومات ، على كل الوجوه التي يصح أن تعلم عليها.
وهو سبحانه يعلم ما أجنّه الليل ، وأضاء عليه النهار ، ويعلم عدد قطر الأمطار ، ومثاقيل البحار ، ويعلم السرّ ـ وهو ما بين اثنين ـ وما هو أخفى ـ وهو ما لم يخرج من بين شفتين ـ « مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلأ خَمْسَةٍ إلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أكْثَرَ إلاّ هُوَ مَعَهُمْ » [ المجادلة : ٧ ] بعلمه لايلاصقهم ، وهو شاخص عنهم ولايفارقهم ].