أنّه ادّعى النبوة ، وأنّه جاء بالقرآن بعد ادعاء النبوة ، وأنّه مشتمل على آيات التحدّي ، وأنّه كان يتلوها على المشركين ويسمعونها وهم النّهاية في الفصاحة ، والمعلوم ضرورةً شدّةُ عداوتهم له.
وإنّما قلنا : بأنّه معجز لأنّه تحداهم على أنّ يأتوا بمثله فعجزوا ، ثم تحداهم على أن يأتوا بعشر سور مثله فعجزوا ، ثم تحداهم بأنّ يأتوا بسورة من مثله فلم يقدروا على ذلك ؛ لأنّهم لو قدروا على معارضته ـ مع شدّة عداوتهم له وعلمهم بأنّ معارضته بمثل ما جاء به تبطلُ دعواه ـ لما عدلوا عنها إلى الشّاقّ من محاربته ، التي لا تدل على بطلان دعواه ، فدلّ ذلك على كونه معجزاً.
ولأنّ القرآن مشتمل على الاِخبار بالغيوب المستقبلة ، وعلى الاِخبار عن الأمور الماضية ، فكان الأمر على ما أخبر في الماضي والمستقبل ، فدَلّ ذلك على كونه معجزاً ، لايقدر عليه أحد من البشر.
وله معجزات كثيرة تقارب ألف معجزة ، نحو : مجيء الشجرة إليه ، وجريها على الماء كالسفينة ، وسير الشّجرة ، وإحيائه الموتى ، وتسبيح الحصى في يده ، ونحو ذلك كثير ، وإنما قلنا بأنّ من كان كذلك فهو نبي صادق ؛ لأنّ إظهار المعجز على أيدي الكَذّابين قبيح ، وهو تعالى لا يفعله ، وإذا ثبت صدقُهُ وصحّت نبوته ، وجب تصديقه فيما أخبرنا به عن الأنبياء والمرسلين قبله ، ووجب القضاء بصحة نبوتهم وتصديق رسالتهم ، وهذا واضح.
فصل [ في معرفة القرآن ]
فإن قيل : فما اعتقادك في القرآن؟
فقل : اعتقادي أنّه كلام اللّه تعالى ، وأنّه كلام مسموع محدثٌ مخلوق.
فإن قيل : فما دليلك على ذلك؟