فصل [ في أنّ اللّه لا يفعل ما هو مفسدة ]
فإن قيل : فهل ربّك يفعل لعباده ما هو مَفْسَدة؟
فقل : كلاّ ، بل لا يفعل إلاّ الصّلاح ، ولايبلوهم إلاّ بما يدعوهم إلى الفلاح ، سواء كان ذلك محنة أو نعمة ؛ لأنّه تعالى لا يفعل إلاّ الصّواب والحكمة كما تقدم ، فإذا أمرضهم وابتلاهم أو امتحنهم بفوت ما أعطاهم ، فلابُدّ من اعتبار المكلفين ؛ ليخرج بذلك عن كونه عَبَثاً ، وقد نبّه على ذلك بقوله تعالى : « أوَ لأ يَرَوْنَ أنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرّةً أوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لأ هُمْ يَتُوبُونَ وَلأ هُمْ يَذَّكَّرُونَ » [ التوبة : ١٢٦ ] ، ولابُدّ من العِوَض الموفّي على ذلك بأضعاف مضاعفة ، ليخرج بذلك عن كونه ظلماً ، وقد ورَدَ ذلك في السنّة كثيراً ، والغَرَضُ الاختصار.
(النبوة)
فصل [ في معرفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ]
فإن قيل : فقد أكملت معرفة ربّك ، فمن نبيك؟
فقل : محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فإن قيل : فما برهانك على ذلك؟
فقل : لأنّه جاء بالمعجزة عقيب ادّعائه النبوّة ، وكل من كان كذلك فهو نبيّ صادق.
فإن قيل : فما برهانك على أنّه جاء بالمعجز عقيب ادّعائه النبوّة؟
فقل : المعلوم ضرورة أنّه كان في الدنيا قبيلةٌ تُسمّى قريش ، وأن فيهم قبيلة تسمّى : بنو هاشم ، وأنّه كان فيهم رجلٌ اسمه : محمد بن عبد اللّه ، والمعلوم ضرورةً