وما كان من المعقول أن يجمع الاِمام زيد وهو في سن الرابعة عشرة كل علم آل البيت فلابد أن يكمل أشطراً من أخيه الذي تلقى علم أبيه كاملاً ، وقد كان الباقر عليهالسلام إماماً في الفضل والعلم ، وأخذ عنه كثيرون من العلماء ورووا عنه ومن هوَلاء أبو حنيفة شيخ فقهاء العراق ، وقد نال الباقر عليهالسلام فضل الاِمامة العلمية ، حتى أنّه كان يحاسب العلماء على أقوالهم وما فيها من خطأ وصواب (١).
كان الاِمام الباقر عليهالسلام ينظر إليه نظر أخٍ عطوف ويثني عليه أحياناً ويطريه ، ويأمر بعض أصحابه بإنشاء طرائف تمثل شخصية زيد ونفسيته وإليك بعض ما وقفنا عليه :
٥ ـ روى الصدوق في الأمالي عن أبي الجارود قال : إنّي لجالس عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهماالسلام إذ أقبل زيد فلما نظر إليه وهو مقبل ، قال : « هذا سيد أهل بيته والطالب بأوتارهم لقد أنجبت أُمٌّ ، ولدتك يازيد » (٢).
٦ ـ وعن جابر الجعفي قال سمعت أبا جعفر عليهالسلام وقد نظر إلى أخيه زيد بن علي فتلا هذه الآية : « فالّذِينَ هَاجَرُوا وأُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وأُوذُوا فِي سَبِيلي وقاتَلُوا وقُتِلُوا ... » الآية ، وقال : هذا واللّه من أهل ذلك » (٣).
٧ ـ وعنه أيضاً سألت محمد بن علي عليهماالسلام عن أخيه زيد فقال : « سألتني عن رجل ملىء إيماناً وعلماً من أطراف شعره وقدمه وهو سيد أهل بيته » (٤).
دخل زيد على الاِمام الباقر عليهالسلام فلما رآه تلا : « يا أيُّها الّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوامينَ للّهِ شُهداءَ بالقِسطِ » ثم قال : « أنت واللّه يا زيد من أهل ذلك » (٥).
____________
١ ـ محمد أبو زهرة ، تاريخ المذاهب الاِسلامية : ٢ / ٤٦٥.
٢ ـ الصدوق : الأمالي : ٣٣٥ ، الحديث ١١.
٣ ـ ٥ ـ السياغي : الروض النضير : ٤ / ١٠٤. والآيتان من سورة آل عمران : ١٩٥ وسورة المائدة : ٨.