خيرة منه قال : « اللّهُ أعلَمُ حَيْثُ يَجعَلُ رِسالَتَه » (الأنعام ـ ١٢٤) فلم يزل اللّه يتناسخ خيرته حتى خرج محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من أفضل تربة وأطهر عترة أُخرجت للناس ، فلمّا قبض اللّه محمّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا عارف أمخركم (١) بعد زخورها وحصّن حصونك على سائر الأحياء بأنّ محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قريشياً ، ودانت العجم للعرب بأنّ محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كان عربياً حتى ظهرت الكلمة وتمت النعمة فاتّقوا اللّه عباد اللّه وأجيبوا إلى الحقّ وكونوا أعواناً لمن دعاكم إليه ، ولاتأخذوا سنّة بني إسرائيل ، كذَّبوا أنبياءهم ، وقتلوا أهل بيت نبيهم.
ثم أنا أُذكركم أيّـها السامعون لدعوتنا ، المتفهّمون لمقالتنا ، باللّه العظيم الذي لم يذكر المذكورون بمثله ، إذا ذكروه وجلت قلوبكم واقشعرَّت لذلك جلودكم ، ألستم تعلمون أنّا ولد نبيكم المظلومون المقهورون ، فلا سهمُ وُفينا ، ولا تراث أُعطينا ، وما زالت بيوتاً تهدم وحرمتنا تنتهك وقائلنا يعرف ، يولد مولودنا في الخوف ، وينشأ ناشئنا بالقهر ويموت ميّتنا بالذل؟
ويحكم إنّ اللّه قد فرض عليكم جهاد أهل البغي والعدوان من أُمتكم على بغيهم ، وفرض نصرة أوليائه الداعين إلى اللّه وإلى كتابه قال : « ولَيَنصُرَنَّ اللّهُ مَن يَنصُـرُهُ إنَّ اللّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز » (الحجّ ـ٤٠).
ويحكم إنّا قوم غَضِبْنا للّه ربّنا ، ونقمنا الجور المعمول به في أهل ملتنا ، ووضعنا من توارث الاِمامة والخلافة ، وحكم بالهوى ونقض العهد ، وصلّـى الصلاة لغير وقتها ، وأخذ الزكاة من غير وجهها ودفعها إلى غير أهلها ، ونسك المناسك بغير هديها ، وأزال الأفياء والأخماس والغنائم ومنعها الفقراء والمساكين وابن السبيل ، وعطّل الحدود وأخذ منه الجزيل ، وحكم بالرشا والشفاعات والمنازل ، وقرب الفاسقين ومثل بالصالحين ، واستعمل الخيانة وخوّن أهل الأمانة ،
__________________
١ ـ وفي نسخة : أنجزكم.