المغالط. وقد يراد ب (وحده) أنّه من حيث هو ، مع قطع النّظر عمّا سواه. وهو أيضا صحيح ولا ينتج ما أراده المغالط. ولا يخفى أنّ المراد : الماء مع استعماله في الوضوء الاستعمال المخصوص مع النيّة.
وبعض هذه الاحتمالات يأتي في قولك : «رأيت زيدا وحده» ، قد يراد به أنّك رأيته في حال هو منفرد بنفسه ليس معه غيره ، وإن كانت رؤيتك شاملة له ولغيره ، ولكنّ هذا احتمال مرجوح ، ولهذا لم يذكره النحاة ، وإنّما كان مرجوحا لأنّه يحوج إلى تقدير محذوف تقديره (كائنا) ، ويكون (وحده) حالا من الضمير فيه ، والعامل فيه ذلك المحذوف. والأصل عدم الحذف ، وعدم التقدير ، فلذلك قلنا : إنّه مرجوح. والأول لا تقدير فيه ولا حذف بل العامل (رأيت) المصرّح به.
هذا كلّه في جانب الإثبات إذا قلت : «رأيت زيدا وحده» أمّا في حالة النّفي ، إذا نفيت الرؤية عنه وحده ، فلك صنعتان أو أكثر :
أحدها : أن تأتي بأداة النفي متقدّمة فتقول : «ما رأيت زيدا وحده» فهذه في قوّة السالبة البسيطة ، وهي سلب لما اقتضته الموجبة ، فمعناها بعد السّلب يحصل بإحدى ثلاث طرق : أحدها : رؤيتهما معا ، والثانية : عدم رؤية واحد منهما ، فلا يرى هذا ولا هذا. والثالثة : برؤية غير زيد ، وعدم رؤية زيد. على كلّ واحد من هذه التقادير الثلاث يصحّ «ما رأيت زيدا وحده» ، لأنّ المنفي رؤيته مقيّدة بالوحدة. ونفي كلّ مركّب من اثنين يحصل بطرق ثلاث كما بيّناه. هذا إذا قدّمت حرف النفي. ويشبه هذا من بعض الوجوه تقديم حرف السلب على (كلّ) في قولنا : [البسيط]
٦٣٤ ـ ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه |
|
[تجري الرياح بما لا تشتهي السّفن] |
وأنّه سلب للعموم لا عموم السلب ، وأنّه يفيد جزئيّا لا كلّيّا ، فقد يدرك بعض ما يتمنّاه. وكذلك : [البسيط]
٦٣٥ ـ [فأصبحوا والنوى عالي معرّسهم] |
|
وليس كلّ النّوى تلقي المساكين |
__________________
٦٣٤ ـ الشاهد للمتنبي في ديوانه بشرح البرقوقي (٤ / ٣٦٦) ، وتاج العروس (شرح خطبة المصنف) ، وبلا نسبة في مغني اللبيب (١ / ٢٠٠).
٦٣٥ ـ الشاهد لحميد الأرقط في الكتاب (١ / ١١٧) ، والأزمنة والأمكنة (٢ / ٣١٧) ، وأمالي ابن الحاجب (ص ٦٥٦) ، وتخليص الشواهد (ص ١٨٧) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٨٢) ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في خزانة الأدب (٩ / ٢٧٠) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ١٧٥) ، وشرح الأشموني (١ / ١١٧) ، وشرح المفصّل (٧ / ١٠٤) ، والمقتضب (٤ / ١٠٠).