مسألة
التعجب من صفات الله
سئل الشيخ تقيّ الدّين السّبكي ـ رحمه الله ـ عن رجل قال : ما أعظم الله» فقال آخر : هذا لا يجوز.
فأجاب : يجوز ذلك قال تعالى : (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) [الكهف : ٢٦] والضمير في (به) عائد إلى الله تعالى ، أي ما أبصره وما أسمعه ، فدلّ على جوز التعجب في ذلك.
وهذا كلام صحيح ، ومعناه أنّ الله في غاية العظمة ، ومعنى التعجّب في ذلك أنّه لا ينكر لأنّه ممّا تحار فيه العقول. والإتيان بصيغة التعجّب في ذلك جائز للآية الكريمة ، وإعظام الله تعالى وتعظيمه الثناء عليه بالعظمة أو اعتقادها ؛ وكلاهما حاصل ، والموجب لهما أمر عظيم. فبلغني بعد ذلك عن شيخنا أبي حيّان (١) أنّه كتب فنظرت فرأيت أبا بكر بن السّرّاج (٢) في (الأصول) قال في شرح التعجّب : «وقد حكيت ألفاظ في أبواب مختلفة مستعملة في حال التعجّب فمن ذلك : ما أنت من رجل تعجّب ، و «سبحان الله ولا إله إلّا الله» ، وما رأيت كاليوم رجلا» ، و «سبحان الله رجلا» و «من رجل» ، و «حسبك بزيد رجلا» ، و «من رجل» ، و «العظمة لله من ربّ» و «كفاك بزيد رجلا» تعجّب.
فقوله : العظمة لله من ربّ دليل لجواز التعجب في صفة الله تعالى ، وإن لم يكن بصيغة ما أفعله وأفعل به. ومن جهة المعنى لا فرق من حيث كونه تعجبا.
مسألة
فعل في التعجّب
وقال كمال الدين أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري
__________________
(١) محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيّان الإمام ، أثير الدين أبو حيان الأندلسيّ الغرناطي ، نحويّ عصره ولغويّه ومفسّره ومحدّثه ومؤرّخه وأديبه. من تصانيفه : البحر المحيط في التفسير ، وإتحاف الأريب بما في القرآن من الغريب ، والتذييل والتكميل في شرح التسهيل ، والتجريد لأحكام كتاب سيبويه وغيرها. (ت ٧٤٥ ه). ترجمته في بغية الوعاة (١ / ٢٨٣).
(٢) أبو بكر بن السرّاج : هو محمد بن السريّ البغدادي النحوي : كان أحدث أصحاب المبرّد سنا مع ذكاء وفطنة ، أهم مصنّفاته : الأصول الكبير ، وجمل الأصول ، والموجز ، وشرح سيبويه ، والشعر والشعراء وغيرها. (ت ٣١٦ ه). ترجمته في بغية الوعاة (١ / ١٠٩).