الثاني : «اشترك زيد وعمرو».
الثالث : «زيد قام عمرو وأبوه». وهاتان جائزتان على التّقدير الأوّل دون الثّاني.
الرابع : النّفي ، فنقول على الأوّل : «ما قام زيد وعمرو» فيفيده كما تقول : «ما قام زيد ولا قام عمرو» انتهى. وهو كلام حسن بديع ، وقد أورده أبو حيّان في الارتشاف وهو كالمنكر له للطفه وغرابته.
وقال الزّمخشري في تفسير قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ..) [الأحزاب : ٣٦] : «فإن قلت : كان من حقّ الضمير أن يوحّد كما تقول : ما جاءني من رجل ولا امرأة إلّا كان من شأنه كذا وكذا ، قلت : نعم ، لكنّهما وقعا تحت النفي فعمّا كلّ مؤمن ومؤمنة ، فرجع الضمير على المعنى لا على اللّفظ» انتهى.
وقد أشكل هذا الكلام على بعضهم فاعترضه ، وذلك لأنّ النّحويّين نصّوا على : أنّ الضمير بعد الواو ـ لكونها موضوعة للجمع ـ يكون على حسب المتعاطفين ، تقول : «زيد وعمرو أكرمتهما» ويمتنع (أكرمته) ، وأجابوا عن قوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [البقرة : ٦٢] ، وأنّ الضمير بعد (أو) ـ لكونها موضوعة لأحد الشيئين أو الأشياء ـ يكون على حسب أحد المتعاطفين ، تقول : «زيدا أو عمرا أكرمه» ولا تقول : (أكرمهما) ، وأجابوا عن قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) [النساء : ١٣٥].
فلمّا رأى هذا المعترض هذه القاعدة أشكل عليه قول الزّمخشري : كان من حقّ الضمير أن يوحّد ، لأنّ العطف فيهما بالواو ، وسؤال الزّمخشريّ على ما قدّمت تقريره ، أنّ الكلام مع النّافي جملتان لا جملة. والواو إنّما تكون للجمع إذا عطفت مفردا على مفرد ، لا إذا عطفت جملة على جملة ، ومن ثمّ منعوا أن يقال : «هذان يقوم ويقعد» وأجازوا : «هذان قائم وقاعد» لأنّ الواو جمعت بينهما وصيّرتهما كالكلمة الواحدة المثنّاة التي يصحّ الإخبار بها عن الاثنين.
وقال سيبويه ـ رحمه الله ـ : «إذا قيل : «رأيت زيدا وعمرا» ثمّ أدخل حرف النّفي فإن كانت الرؤية واحدة قلت : «ما رأيت زيدا وعمرا» وإن كنت قد مررت بكلّ منهما على حدة قلت : «ما مررت بزيد ولا مررت بعمرو». وهذا معنى ما نقل عنه