الثالث : أنّهم قالوا : «إنّ كذا وكذا مالك» برفع المال ، ذكره أبو الحسن في المسائل.
الرابع : أنّهم قالوا : حسبي بكذا» فأدخلوا عليها الجارّ. ذكره أبو الحسن أيضا.
الخامس : أنّهم يقولون : «كذا وكذا درهما» مع أنهم لا يركّبون ثلاثة أشياء ، فما ظنّك بأربعة؟ فلولا أنّ (كذا) قد صارت بمنزلة الشيء الواحد لم يسغ ذلك.
وذهب جماعة من النحويّين إلى أنّ الكاف و (ذا) كلمتان باقيتان على أصلهما من غير تركيب. ثم اختلفوا على أقوال :
أحدها : أنّ الكاف حرف تشبيه ، وأنّ معنى التشبيه باق. وهذا ظاهر قول سيبويه والخليل وصريح قول الصفّار.
بيان الأول : أنّ سيبويه قال : «صار (ذا) بمنزلة التنوين لأنّ المجرور بمنزلة التنوين» (١) ، «وقال الخليل : كأنّهم قالوا له كالعدد درهما. فهذا تمثيل وإن لم يتكلّم به. وإنّما تجيء الكاف للتشبيه فتصير وما بعدها بمنزلة شيء واحد» (٢). انتهى.
وبيان الثاني : أن الصفّار لمّا ردّ على من جوّز «كذا درهم» ، بالخفض ، بأنّ أسماء الإشارة لا تضاف ، اعترض على نفسه بأنّ معنى الكاف والإشارة قد زال ، وأجاب بأنّ المتكلّم لا بدّ أن يقدّر في نفسه عددا ما وحينئذ يقول : «له عدد مثل هذا العدد».
الثاني : أن الكاف اسم بمنزلة (مثل). قال ابن أبي الرّبيع : «يظهر لي أنّ الكاف اسم بمنزلة (مثل) في قولك : «لي مثله رجلا». قال : والأصل أن يقال : حيث يكون هناك مشار إليه يساويه ما عندك في العدد.
فالأصل : له عندي مثل ذا من العدد ، ثمّ جيء برجل تفسيرا لمثل كما قالوا : «مثلك عالما».
الثالث : أنّها اسم ، ولا معنى للتشبيه فيها ، قاله أبو طالب العبدي ، قال : الكاف في نحو : «له عندي كذا درهما» ، اسم في موضع رفع بالابتداء ، ثمّ اعترض على نفسه بأنّ أبا عليّ ذكر أنّ الكاف إنّما تكون اسما بشرطين :
أحدهما : أن يكون ذلك في الشّعر.
الثاني : أن يتعيّن الموضع لذلك ، كما في قول الأعشى : [البسيط]
__________________
(١ ـ ٢) انظر الكتاب (٢ / ١٧٣).