«مررت بمكان كذا وبمكان كذا وكذا». وفي المكنيّ بها عن عدد العطف لا غير. وكذا مثّل بها سيبويه والأخفش والأئمّة. وقال الشاعر : [الطويل]
٦٧٠ ـ عد النّفس نعمى بعد بؤساك ذاكرا |
|
كذا وكذا لطفا به ، نسي الجهد |
وممّن صرّح بأنّهم لم يقولوا : «كذا درهما» ، ولا «كذا كذا درهما» ابن خروف وذكر ابن مالك أنّ ذلك مسموع ولكنّه قليل وسيأتي نقل كلامهما بعد.
وأمّا اللفظ بتمييزها ففيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنّه منصوب أبدا ، وهذا قول البصريّين وهو الصواب بدليلين :
أحدهما : أنّه المسموع كقوله : [الطويل]
... |
|
كذا وكذا لطفا به نسي الجهد |
والثاني : القياس ، وذلك من وجوه :
أحدها : أنّ الخفص إمّا بالكاف ، على أنّها حرف جرّ ، أو على أنّها اسم مضاف ، أو بإضافة (ذا). ولا سبيل إلى شيء من ذلك ، لأنّ (ذا) معمولة للكاف ، وحرف الجرّ لا يخفض شيئين ، والاسم لا يضاف مرّتين ، ومن ثمّ وجب نصب التمييز في نحو : «ما في السماء موضع راحة سحابا» (٢). وأسماء الإشارة لا تضاف ، لأنّها ملازمة للتعريف ، والتمييز نكرة ، والقاعدة أن تضاف النّكرة للمعرفة لا العكس.
والثاني : أنّ الكاف لمّا دخلت على (ذا) وصارتا كناية عن العدد صارتا كذلك بمنزلة (بزيد) إذا سمّي به. و (بزيد) وأمثاله إذا سمّي به لا تجوز إضافته لأنّه محكيّ والمحكيّ لا يضاف.
والثالث : أن الكلمة أشبهت بالتّركيب (أحد عشر) وأخواته ، وذلك لا يضاف كراهة الطول فكذلك هذا.
القول الثاني : أنّه جائز الخفض بشرط ألّا يكون تكرار ولا عطف ، فتقول : «كذا درهم» ، و «كذا أثواب». ولا تقول : «كذا كذا درهم» ولا «كذا وكذا درهم» ، قاله الكوفيون ومن وافقهم ، وشبهتهم في ذلك حمل كناية العدد على صريحه ، وقد ذكرنا ما يردّ هذا القياس.
__________________
٦٧٠ ـ الشاهد بلا نسبة في الدرر (٤ / ٥٤) ، وشرح الأشموني (٣ / ٦٣٨) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٥١٤) ، ومغني اللبيب (١ / ١٨٨) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٤٩٧) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٥٦).
(١) انظر الكتاب (٢ / ١٧٤).