ولا نكتة معنوية ، بل لأمر بيّن في نفسه على السائل أو لشبهة قد تخايلت للحاكم وتضمحلّ بتأمّل ، فلا يكون تحكّما بحتا ، ولئن سلّمنا الحصر فلم لا يجوز أن يتجاهل السائل تأدّبا واعترافا بالقصور وتجنّبا عن التّيه والغرور؟.
الرابع : أنّ (أو) هذه أهي الإضرابية؟ أفهذا باعه في الوجوه العربية؟ فأين أنت من قولهم : لا تأمر زيدا فيعصيك أو تحسبه غلامك وأقلّ خدّامك أو لا تدري من أمامك؟ أبعد ما أذبت نفسك ليلا ونهارا في شعب من العربيّة مذ نيطت بك العمائم إلى أن اشتعل الرأس شيبا يخفى عليك هذا الجليّ الظاهر الذي هو مسطور في الجمل لعبد القاهر؟.
الخامس : هب أنّ هذا خطأ صريح ، ألا يمكن أن تتحمّل له محملا صحيحا أليس المقصود هنا كالصبح يتبلّج وكالنار في حندس الظّلم على رأس العلم تؤجّج؟ فماذا كان لو اشتغلت بعد ما يغنيك من الجواب وتنطق (١) بفضل الصواب بما لا يعنيك من التخطئة في السؤال؟
السادس : قد أوجب الشرع ردّ التحيّة والسّلام ، وندب إلى التلطّف في الكلام ، فمن يؤفك فقد اقترف الإثم واستحقّ الذّمّ وأساء الأدب وتجنّب الأمم ، وأشعر بأنّه ليس له من الخلق خلاق ، ولم يرزق متابعة من بعث لتتميم مكارم الأخلاق.
السابع : أنّه أعرض عن الجواب ، وزعم أنّه من بنات خلع عليهنّ الثياب وحثى عليهنّ التراب ، فإن كان حقّا فلا ريب في أنّها تكون ميّتة أو بالية ، ومع هذا فمصداق كلامه أن ينبش عنها أو أن يأتي بمثلها فنرى ما هيه؟
الثامن : أنّ السؤال لم يخصّ به مخاطب دون مخاطب ، بل أورد على وجه التعميم والإجمال مرعيّا فيه طريق التعظيم والإجلال موجّها إلى من وجّه إليه ، ويقال : مصدّق أنت من أدلّاء الهدى ومصابيح الدّجى ، فأنّى رأى نفسه أهلا للخطاب معيّنا للجواب؟ وهلّا درأه عن نفسه معرفة بقدره وعلما بغوره ، ومحافظة على طوره إلى من هو أجلّ منه قدرا وأنور بدرا في هذه البلدة من زعماء التحرير وفحوله النحارير الذين لا يفوتهم سابق ولا يشقّ غبارهم لاحق.
وإن كان لا يرى فوقه أحدا فإنه للعمه والعمى والحماقة العظمى ، ومالداء النّوك من دواء ، وليس لمرض الجهل المركب من شفاء.
التاسع : البليغ من عدّت هفواته والجواد من حصرت كبواته وأمّا من لا يأمن مع الدّعدعة سوء العثار ، ويحتاج إلى من يقود عصاه في ضوء النهار ، فإذا سابق في