الحمير ، والياقوت بعض الحجارة» ، ولا تقول : «الياقوت أفضل الزّجاج» ، لأنّه ليس منه كما لا تقول : «حمارك أحسن الرّجال». وإذا ثبت هذا فإنّ (ما) التي أضيف إليها (أخطب) مصدريّة زمانيّة كالتي في قوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ) [هود : ١٠٧ ـ ١٠٨] أي : مدّة دوام السّماوات ، فقوله : «أخطب ما يكون الأمير» تقديره : أخطب أوقات كون الأمير ، كما قدّرت في الآية : مدّة دوام السّماوات ، أو مدد دوام السّماوات ، فقد صار (أخطب) بإضافته إلى الأوقات في التقدير وقتا لما مثّلته لك من كون (أفعل) هذا بعضا لما يضاف إليه ، وإضافة الخطابة إلى الوقت توسّع وتجوّز ، كما وصفوا اللّيل بالنّوم في قولهم : «نام ليلك» وذلك لكون النّوم فيه. قال : [الطويل]
٦٩٤ ـ لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى |
|
ونمت وما ليل المطيّ بنائم |
ومثله إضافة (المكر) إلى «اللّيل والنّهار في قوله عزّ وجلّ : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) [سبأ : ٣٣] ، وإنّما حسن إضافة المكر إلى اللّيل والنّهار لوقوعه فيهما والتقدير : بل مكركم في اللّيل والنّهار. وإذا عرفت هذا ف (أخطب) مبتدأ محذوف الخبر ، والحال التي هي (قائما) سادّة مسدّ خبره ، فالتقدير : أخطب أوقات كون الأمير إذا كان قائما. ولمّا كان (أخطب) مضافا إلى الكون لفظا وإلى الأوقات تقديرا ، وقد بيّنت لك أنّ أفعل هذا بعض لما يضاف إليه ، وقد صار في هذه المسألة وقتا وكونا ، فجاز لذلك الإخبار عنه بظرف الزمان الذي هو (إذا) الزّمانيّة. وإذا كان (قائما) نصبا على الحال ، ف (كان) المقدّرة في هذا النحو هي التامّة المكتفية بمرفوعها التي بمعنى حدث ووقع ووجد ، ولا يجوز أن تكون الناقصة ، لأنّ الناقصة لا يلزم منصوبها التنكير ، والمنصوب هاهنا لا يكون إلّا نكرة ، فثبت بلزوم التنكير له أنّه حال. وإذا ثبت أنّه حال فهو حال من ضمير فاعل مستكنّ في فعل موضعه مع مرفوعه جرّ بإضافة ظرف إليه عمل فيه اسم فاعل محذوف. وتفسير هذا أنّ (قائما) حال من الضّمير المستتر في (كان) ، و (كان) مع الضّمير جملة في موضع جرّ بإضافة (إذا) إليها لأن (إذا) و (إذ) تلزمهما الإضافة إلى جملة توضّح معنييهما كما توضّح الصّلة معنى الموصول ، ولذلك بنيا ، و (إذا) تضاف إلى جملة فعليّة لأنّها شرطيّة ، والشرط إنّما يكون بالفعل ، و (إذ) تضاف إلى جملة الاسم كما تضاف إلى جملة الفعل ، ف (إذا) في المسألة ظرف أوقع خبرا عن المبتدأ الذي هو (أخطب) ، والظّرف متى وقع
__________________
٦٩٤ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (ص ٩٩٣) ، وخزانة الأدب (١ / ٤٦٥) ، ولسان العرب (ربح) وبلا نسبة في الصاحبي في فقه اللغة (ص ٢٢٢) ، والمحتسب (٢ / ١٨٤) ، والمقتضب (٣ / ١٠٥).