النساء ، وأما قوله : (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) ففيه التصريح بيتامى النساء فصار التقدير قل الله يفتيكم في النساء ، ويفتيكم المتلو في الكتاب في يتامى النساء ، فلا تصحّ البدليّة حينئذ من (فيهنّ) لاستلزام أن يكون الجواب أخصّ من السؤال لأنّ المسؤول عنه حكم النّساء ، ويجيء الجواب على تقدير البدل : قل الله يفتيكم في يتامى النّساء. وهذا وإن كان مقصودا بالحكم إلا أنّ الأول أيضا مقصود وهي أنّ الله يفتي عباده في أمر النّساء عموما ، ويفتيكم المتلوّ في الكتاب في يتامى النّساء خصوصا ، والجواب لا يكون أخصّ من السّؤال.
الوجه الثاني : أنّ قوله (فيهنّ) متعلّق بجملة : (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ.) وقوله في يتامى النّساء متعلّق بجملة يفتيكم المتلوّ ، بناء على أنّ (ما) فاعلة ، ولا يبدل المتعلّق بجملة من المتعلّق بجملة أخرى.
وأمّا على الوجهين الأخيرين فلا تستقيم البدليّة لا من (الكتاب) ولا من (فيهنّ). أمّا من (فيهنّ) فلما قدّمناه من استلزام أن يكون الجواب أخصّ من السؤال ، وأمّا من (في الكتاب) فإنّ على هذين الوجهين المراد : والذي يتلى عليكم محفوظ في الكتاب. لأنّه قال : «المراد بالكتاب على هذا الوجه اللّوح المحفوظ ، مثل : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [الزخرف : ٤] ، فلا يصحّ أن يبدل (في يتامى النّساء) من قوله : (في الكتاب) ؛ لأنّ ذلك ذكر للتّعظيم والمبدل منه في نيّة الطّرح ، فيؤدّي إلى فوات الأمر الذي سيق له (والذي يتلى عليكم في الكتاب) على معنى : أنّه تقرّر في الكتاب اللّوح المحفوظ.
وكذلك على القسم لأنّه يقسم بالأمر العام وهو ما يتلى في الكتاب على سبيل التّعظيم ، وأمّا الأمر الخاصّ ، وهو الذي يتلى في يتامى النّساء فلم يقسم به ، فلا تصحّ البدليّة على هذين الوجهين بوجه. وإذا بطلت البدليّة فلا يصحّ له حينئذ أن تكون الجملة اعتراضيّة ولا قسميّة إلا إذا علّق (في يتامى النساء) بقوله : (يتلى عليكم في الكتاب) ، مع أنّهما إعرابان مخترعان لم يسبقه إليهما أحد.
فالمسؤول تأمّل هذه الاعتراضات وهل هي صحيحة أم لا ، والله يديم انتفاع النّاس بوجود من يزيل عنهم الباس.
فكتب إليه والده :
الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات ، اللهمّ صلّ وسلّم على سيّدنا محمّد سيّد السادات من أهل الأرض والسّماوات وعلى آل سيّدنا محمّد وأصحابه وأتباعه وأحبابه.