عليك ، ومع ذلك يكون قد خطر له أنّك قد فعلت هذا امتحانا ، هل يتفطّن أحد لتركيبك أم لا؟ فعلى هذا كيف يتعدّى عن التنبيه على المقصود؟.
وأمّا قولك : «سادسا : قد أوجب الشّرع ردّ التحيّة ، فالجواب عنه أيضا من وجهين :
أحدهما : أنّ الواجب هو الرّدّ لا الكتابة ، فيحتمل أن يكون قد ردّ بلسانه وما كتب ، وما أعرف أحدا من الأصحاب قال بوجوب الكتابة ، أو ما سمعت ما أجاب به الفضلاء ، عن المزنيّ حيث قيل : إنّه لم يكتب أوّل (المختصر) (١) بسم الله الرحمن الرحيم؟».
والثاني : فإنّك زعمت في الوجه الثامن أنّك ما خصصته بالسؤال ، بل أوردت على وجه التعميم والإجمال ، فنقول حينئذ : لا يجب عليه بعينه ردّ السّلام ، بل على واحد لا بعينه ، لكن أعذرك في مسألة ردّ التحيّة ، لأنّك في الفقه ما وصلت إلى باب الطهارة ، فكيف بمسائل تذكر في أواخر الفقه؟.
وأمّا قولك : «سابعا : زعم أنّه من بنات خلع عليهنّ الثياب» فالجواب عنه : أنّ الزعم قول يكون مظنّة الكذب ، وما ذكره من الحق الأبلج ، ومن ظنّ خلاف ذلك فقد وقع في الباطل ، لأنّ مراده ببنات خلع عليهنّ الثياب نتائج فكره التي انتشرت في البلاد ، كشرح المنهاج والمصباح وشرح التصريف واللباب وحواشي (شرح المفصّل) ، و (المفصل) و (المفتاح) وحواشي المصابيح وحواشي شرح السنة وحواشي (الكشاف) وحواشي الطوالع والمطالع ، وشرح الإشارات وغير ذلك ممّا يطول ذكره.
وقولك : «فلا ريب أنّها تكون ميّتة أو بالية» دالّ على جهلك ، لأنّ قول العالم لا يموت ولو مات العالم ، ولهذا يحتجّ به ، أما قال بعضهم (٢) : «العلماء باقون ما بقي الدّهر أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة»؟ ، وقولك : «مصداق كلامه أن ينبش عنها فنرى ما هيه» قلت : الحذر الحذر ، فإنّها نار حامية ، وقولك : «أو يأتي بمثلها فنرى ماهيه» قلت : نعم ، لكن بشرط أن تنزع من أذنيك صمام الصّمم حتى أفرغ فيهما شيئا من مباحث الحكم ، فأقول وبالله التوفيق : مما ذكره والدي في الفرق أنّ صاحب الكشاف إنّما حكم بأنّ قوله : (مِنْ مِثْلِهِ) إذا كان صفة سورة يجوز أن يعود الضمير إلى (ما) وإلى عبدنا ، وإن كان متعلّقا ب (فأتوا) تعيّن أن يكون الضمير
__________________
(١) انظر كتاب مختصر المزني : هو كتاب في الفقه الشافعي.
(٢) القول لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في نهج البلاغة (١٨ / ٣٤٦) ، والعقد الفريد (٢ / ٢١٢).