وجلّ : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) [يوسف : ٨٢] ، يريد أهل القرية ، وأصحاب العير ؛ فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. فكذلك أراد : أنت ذات طلاق ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. قالت (١) الخنساء : [البسيط]
ترتع ما رتعت حتّى إذا ادّكرت |
|
فإنّما هي إقبال وإدبار |
أي : ذات إقبال وإدبار. وقد يجوز أن يكون جعلها الإقبال والإدبار لكثرة ذلك منها مجازا واتّساعا ، وأنشد سيبويه : [المتقارب]
٧٧٢ ـ وكيف أواصل من أصبحت |
|
خلالته كأبي مرحب |
يريد : كخلالة أبي مرحب ، والخلالة الصداقة.
وأمّا قوله : والطّلاق عزيمة ثلاثا : فإنّه إذا نصب الثّلاث فكأنّه قال : فأنت طالق ثلاثا ، يوقع بها الثلاث ، ويكون قوله «والطلاق ..» عزيمة منّي جدّا غير لغو.
وإذا قال : فأنت طلاق والطلاق عزيمة ثلاث برفع «ثلاث» فكأنّه قال : أنت طالق ، والطلاق عزيمة ثلاث يرفع أي الطلاق ثلاث ، أي : الذي بمثله يقع الفراق هو الثلاث فيكون (ثلاث) خبرا ثانيا عن الطّلاق أو موضّحا للعزيمة. وإن شاء كان تقديره : «فأنت طالق ثلاثا» ، ثمّ فسّر ذلك بقوله : والطلاق عزيمة ثلاث ، كأنّه قال : والطلاق الذي ذكرته أو نويته عزيمة ثلاث ففسّره بهذا. ودليل هذا : إذا نوى الثلاث ، ودليل قصد الثلاث ، قوله في البيت الذي بعده : «فبيني بها» ، فهذا يدلّ على أنّه أراد الثلاث والبينونة.
ويجوز نصب «عزيمة» إذا رفع الثلاث فقال : «والطلاق عزيمة ثلاث» فينتصب على إضمار فعل ، كأنّه قال : والطلاق ثلاث أعزم ذلك عزيمة ، ويجوز أن يكون تقدير قوله : «والطلاق إذا كان عزيمة ثلاث» كما تقول : عبد الله راكبا أحسن منه ماشيا ، وكما تقول : هذا بسرا أطيب منه رطبا.
وأمّا قوله : ومن يخرق أعقّ وأظلم فمن كلام الشعر لا يجوز في منثور الكلام. آخر المسائل.
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٤٠).
٧٧٢ ـ الشاهد للنابغة الجعدي في ديوانه (ص ٢٦) ، والكتاب (١ / ٢٧٥) ، وسمط اللآلي (ص ٤٦٥) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٩٤) ، ولسان العرب (رحب) و (خلل) ، ونوادر أبي زيد (ص ١٨٩) ، وبلا نسبة في إصلاح المنطق (ص ١١٢) ، وأمالي المرتضى (١ / ٢٠٢) ، ولسان العرب (شرب) و (برر) ، ومجالس ثعلب (ص ٧٧) ، والمحتسب (٢ / ٢٦٤) ، والمقتضب (٣ / ٢٣١).