(وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) [نوح : ١٧] فقد انتصب (نباتا) على أنّه مفعول مطلق ، وليس بآلة بل النبات ذات حاصلة بفعل الفاعل.
والذي ظهر لي فيه بعد البحث مع نجباء الأصحاب فيه ، ونظر المحكم والصّحاح وتهذيب اللّغة وغيرها ـ ولم نجده متعدّيا بهذا المعنى ـ أنّ الباء في (بذهب) بمعنى (من) البيانيّة ، ارتكبه على مذهب كوفيّ ، و (ضبّة) منصوب على إسقاط الخافض إمّا من باب : [البسيط]
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به |
|
فقد تركتك ذا مال وذا نشب (١) |
وهو ظاهر. ولا يردّ عليّ بإدخاله فيه بكونهم لم يعدّوه من أفعاله ، لأنّا نقول : ما قيس على كلامها فهو من كلامها ، وقد قالوا في ضبط أفعال باب (أمرته) : كلّ فعل ينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، وأصل الثاني منهما حرف الجرّ فهو من باب (أمر) وهذا الضابط يشمله لا محالة ، وهو أولى من أن يدّعى أنّه منصوب من باب قوله (٢) الشاعر : [الوافر]
تمرّون الدّيار ولم تعوجوا |
|
كلامكم عليّ إذا حرام |
على إسقاط الخافض ، لأنّ هذا يحفظ ولا يقاس عليه.
وارتكابه يخلّص من مشكلات كثيرة ، ودعواه أقلّ ضررا من دعوى اللّحن لعالم. ويكون (بذهب) في موضع نصب على الحال من النّكرة لتقدّمه عليها ، لأنّه لو تأخّر كان صفة لها ، والباء بمعنى (من) البيانيّة. والتقدير : وما ضبّب بضبّة من ذهب أو فضّة كبيرة لزينة حرم.
ويمكن أن يدّعى أنّه من باب (أعطى) ، وليس بظاهر ، لأنّ سقوط الحرف فيه ظاهر ، وليس فيه معطى ولا معطى له.
و (ما) مبتدأ ، وهي موصولة صلتها جملة (ضبّب) وفي (ضبّب) ضمير نائب فاعل وهو العائد ، وهو المفعول الأوّل إن جعلناه من باب (أمر) أو (أعطى) وجملة (حرم) خبره. فإن قلت لا يصحّ أن يكون (حرم) خبرا عن (ما) ، لأنّ (ما) واقعة على المضبّب ، والمضبّب جماد لا يوصف بحرام ولا بحلال ، قلت : هو على حذف مضاف أي : واستعمال ما ضبّب حرام على المكلّف ، وكذلك يقدّر في كلّ موضع ،
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٣٢٤).
(٢) مرّ الشاهد رقم (٥٤٦).