الحال في متعلّقات أفعال القلوب وأنت خبير بأنّه لا استبعاد في كون الأمر جهة قصد وغير جهة قصد باختلاف الاعتبار.
الثامن : أنّه يدلّ على الكون المخصوص كسائر الأفعال فما السرّ في سلب الحدث فيه دون غيره.
الجواب : أنّ سائر الأفعال له معنى متحصّل في نفسه دون الأفعال النّاقصة ، فإن قلت : فما السرّ في عدم تحصّل معنى (كان) مع أنّه دالّ عليه. قلت : إنّ الغرض المذكور جعله من قبيل الألفاظ الدالّة على الإضافة المخصوصة ، وأنت خبير بأنّ كون اللّفظ موضوعا لمعنى لا يقتضي أن يكون حاصلا منه بنفسه كالحروف.
فإن قلت : تحصّل معنى سائر الأفعال مسلّم في المعاني الإفرادية ، لكن لا فرق بينه وبين الأفعال الناقصة في المعاني التركيبية وكلامنا فيها.
قلت : الحقّ ما ذكرته لكن لمّا كان معاني سائر الأفعال معتدّا بها في حالة الإفراد دون معنى الفعل النّاقص وكانت معتدّا بها في حالة التركيب بخلاف معاني الأفعال الناقصة كما أومأنا إليه ، قالوا : سلب الحدث فيها دون غيرها.
التاسع : أنّ المراد من الكون المخصوص في «كان زيد قائما» ما هو؟ أوجود زيد وهو غير مراد ، وكذا تحقّق نسبة القيام إليه.
الجواب : إنّ الحصر ممنوع بأنّه عبارة عن تعلّق زيد بالقيام وأنت خبير بأنّ التعلّق لا ينحصر في المسند كما بيّنّاه. فإن قلت : أليس يوجب وجود النّسبة في الخارج ، فإنّه يدلّ على الزمان الماضي. قلت : إنّ الزمان الماضي ظرف لمتعلّق النّسبة وهو موجود فيه لا النّسبة فإنّه ظرف لنفسها لا لوجودها.
العاشر : إنّ (كان) لمّا دلّ على ظرف القيام كان ينبغي أن يتأخّر عن القيام فلأيّ شيء صدّروا بكان.
قلت : لأنّ الغرض الأصليّ من استعمال (كان) ليس إلّا بيان تمكّن الفاعل في صفته وإن كان له دلالة على الظّرفيّة ضمنا فقدّم لاعتبار الباعث القويّ.
فإن قلت : لا شكّ أنّ القيام قيد داخل في الكون المخصوص ، فما معنى قولهم : (كان) قيد للقيام باعتبار دلالته على الزّمان الماضي فما التوفيق بين المعقول والمنقول؟
قلت : أوّلا الأصل في مباحث الألفاظ هو النّقل لا العقل ، وثانيا : أنّ كون