فقال بعضهم : ليس ثمّ تقدير خبر ، لأنّ المصدر هنا واقع موقع الفعل كما في قولهم : «أقائم الزيدان» ، وردّ بأنّه لو وقع موقع الفعل لصحّ الاقتصار عليه مع فاعله كما صحّ ذلك في «أقائم الزيدان» (١). وحيث لم يصحّ أن يقال : «ضربي» ، ويقصر بطل ما ذكروه.
وقال الكسائي وهشام والفرّاء وابن كيسان : الحال بنفسها هي الخبر لا سادّة مسدّه. ثم اختلفوا ، فقال الكسائي وهشام : إنّ الحال إذا وقعت خبرا للمصدر كان فيها ذكران مرفوعان ، أحدهما من صاحب الحال والآخر من المصدر. وإنّما احتاجوا إلى ذلك لأنّ الحال لا بدّ لها من ضمير يعود على ذي الحال ، وهي خبر ، والخبر عندهم لا بدّ فيه من ضمير يعود على المبتدأ ، لأنّ المبتدأ عندهم إنّما يرتفع بما عاد عليه في أحد مذهبي الكوفيّين و «ضربي» هنا مبتدأ مرفوع ، فلا بدّ له من رافع فاحتاجوا إلى القول بتحمّل قائم ضميره لرفعه ، حتّى إنّهما قالا : يجوز أن يؤكّد اللذين في قائما فيقول : ضربي زيدا قائما نفسه نفسه ، وقيامك مسرعا نفسك نفسه. فإن أكّدت القيام أيضا مع الضميرين قلت : قيامك مسرعا نفسك نفسه نفسه ، فتكرّر النّفس ثلاث مرّات.
وقال الفرّاء : الحال إذا وقعت خبرا للمصدر فلا ضمير فيها من المصدر لجريانها على صاحبها في إفراده وتثنيته وجمعه ، وتعرّيها من ضمير المصدر للزومها مذهب الشّرط ، والشّرط بعد المصدر لا يتحمّل ضمير المصدر ؛ إذا قيل : «ركوبك إن بادرت» ، و «قيامك إن أسرعت» و «ضربي زيدا إن قام» ، فكما أنّ الشرط لا ضمير فيه يعود إلى المصدر فكذلك الحال.
وجاز نصب «قائما» و «مسرعا» وما أشبههما على الحال عند الكسائي وهشام والفرّاء وإن كان خبرا ، لمّا لم يكن عين المبتدأ ، ألا ترى أنّ المسرع هو المخاطب لا القيام ، والقائم هو زيد لا الضّرب ، فلمّا كان خلاف المبتدأ انتصب على الخلاف لأنّه عندهم يوجب النصب.
وقال ابن كيسان : إنّما أغنت الحال عن الخبر لشبهها بالظّرف. وردّ قول الكسائي وهشام بأنّ العامل الواحد لا يعمل في معمولين ظاهرين ليس أحدهما تابعا للآخر رفعا ، فكذلك لا يعمل في مضمرين. وإذا انتفى ذلك انتفى كون الحال خبرا. وممّا يبطل أيضا كون الحال رافعة ضميرين أنّنا لو ثنّينا فقلنا : «ضربي أخويك
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٩٦).