من المبتدأ فلا يصحّ ، وإمّا أن يفهم منه أنّ ضربته المطلق مثل ضربته قائما ، وهو غير المعنى المفهوم. وإن جفعل المصدر مضافا إلى فاعله صار المفهوم منه غير المطلوب من الكلام.
وقال البصريون ـ وهو الصحيح ـ تقديره : «إذ كان قائما» إن أردت الماضي ، أو : «إذا كان قائما» إن أردت المستقبل ؛ لأنّ معنى «ضربي زيدا قائما» : ما ضربت زيدا إلّا قائما. وهذا لا يستقيم إلّا على مذهب البصريّين ، لأنّ العامل يتقيّد بمعموله ، فإذا جعل الحال من تمام المبتدأ يكون الإخبار بأنّ ضربي زيدا مقيّدا بالقيام حاصل ، وذا لا ينفي أن يقع الضرب في غير حال القيام. وإذا جعل الحال من جملة الخبر يكون «ضربي زيدا» هذا الذي لم يقيّد بحال كائنا إذا كان قائما فلو قدّر وقوع «ضربي» في غير حال القيام لكان مناقضا للإخبار ، ومن المحال وقوع عين المقيّد بالحال في زمان وتخلّف شيء منه عن ذلك الزمان إذا أريد به الحقيقة.
وإذ قد علمت أقوال العلماء وأدلّتهم ، وردّها ، والصحيح من ذلك وحجّته فلنختم الكتاب بفوائد لا بدّ من التعرّض لها :
الأولى : إنّما قدّرنا الخبر ظرفا دون غيره ، لأنّ تقديره محذوفا مجاز وتوسّع والظروف أحمل لذلك من غيرها.
الثانية : إنّما قدّرنا ظرف الزمان دون المكان ، لأنّ الحال عوض منه ، وهي لظرف الزمان أنسب منها لظرف المكان ، لأنّها توقيت للفعل من جهة المعنى كما أنّ الزمان توقيت للفعل ، ولأنّ المبتدأ هنا حدث ، وظرف الزّمان مختصّ بالإخبار به عن الحدث دون الجثّة فهو أخصّ من ظرف المكان.
الثالثة : إنّما قدّرت «إذ» و «إذا» دون غيرهما لاستغراق إذ للماضي وإذا للمستقبل قاله ابن عمرون.
الرابعة : إنّما قدّر بعد الظّرف فعل وكان «كان» التامّة ، ولم يقدّر نصب قائم على الخبر لكان لأنّ الظرف لا بدّ له من فعل أو معناه ، والحال لا بدّ لها أيضا من عامل ، والأصل في العمل للفعل ، وقدّرت «كان» التامّة لتدلّ على الحدث المطلق الذي يدلّ الكلام عليه ، ولم يعتقد في «قائم» الخبرية للزومه التنكير (١). وأجاز الفرّاء نصبه على خبر كان. وردّ بدخول الواو عليه (٢) ؛ ولا يلتفت إلى قول من أجاز دخول
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٩٧).
(٢) انظر مغني اللبيب (ص ٤٥٩).