٤ ـ ٥ : وأمّا إلغاء (من هو) أو إلغاء (من هو أوفى) : فباطلان من وجهين :
أحدهما : أنّ زيادة الأسماء لا تجوز عند البصريين وكذلك زيادة الجمل. ثمّ إنّ الكوفيّين يجيزون ذلك ، وإنّما يجيزونه حيث يظهر أنّ المعنى مفتقر إلى دعوى الزّيادة كما في قول لبيد : [الطويل]
٦٢٣ ـ إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما |
|
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر |
فإنّهم قالوا : (اسم) زائد ، لأنّه إنّما يقال : السّلام على فلان ، ولا يقال : اسم السّلام عليك ، فادّعوا زيادة ذلك لهذا المعنى ، وهو مفقود فيما نحن بصدده.
وقد يقال : إنّ أفسد هذين الوجهين الوجه المدّعى فيه زيادة (من هو) خاصّة. فإنّ ذلك لا يجيزه أحد ، لأنّ المبتدأ يبقى بلا خبر ، والموصول بلا صلة. ويجاب بأنّ دعوى زيادة الاسم لا تخرجه عن استحقاقه لما يطلبه على تقدير عدم الزّيادة.
الثاني : أنّه إذا كان زائدا امتنع العطف عليه ، لأنّه يصير بمنزلة ما لم يذكر ، والعطف عليه يقتضي الاعتداد به وتقدّم جوابه فتناقضا.
٦ ـ وأمّا تقدير (أكثر) : فباطل لأنّ أفعل التفضيل لم يحذف في كلامهم باقيا معموله ، لضعفه في العمل ، وجموده ؛ لأنّه لا يثنّى ولا يجمع ولا يؤنّث.
٧ ـ وأمّا عطفه على (شعرا) : فهو أقرب من جميع ما ذكر ، لأن (أوفى) بمعنى أكثر ، فكأنّه قيل : أكثر منك شعرا وخيرا ، إلّا أنّ هذا يأباه ذكره (منك) بعد (خير) ، ألا ترى أنّك إذا قلت : كان يكفي من هو أكثر منك علما وعبادة لم يحتج إلى قولك (منك) ثانيا؟ وقد يتكلّف جواز هذا الوجه على أن تجعل (منك) الثّانية مؤكّدة للأولى. والله تعالى أعلم.
__________________
٦٢٣ ـ الشاهد للبيد بن ربيعة في ديوانه (٢١٤) ، والأغاني (١٣ / ٤٠) ، وبغية الوعاة (١ / ٤٢٩) ، وخزانة الأدب (٤ / ٣٣٧) ، والخصائص (٣ / ٢٩) ، والدرر (٥ / ١٥) ، وشرح المفصّل (٣ / ١٤) ، ولسان العرب (عذر) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٣٧٥) ، والمنصف (٣ / ١٣٥) ، وبلا نسبة في أمالي الزّجاجي (ص ٦٣) ، وشرح الأشموني (٢ / ٣٠٧) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٥٠٧) ، والمقرب (١ / ٢١٣) ، وهمع الهوامع (٢ / ٤٩).