يتمّ به معناها ، وكون المقدّر مدلولا عليه بما ذكر أولى فتعيّن أن يقدّر : ولا ذو عهد في عهده بكافر. والكفار المقدّر الحربيّ ، إذ المعاهد يقتل بالمعاهد وحينئذ : فالكافر الملفوظ به الحربيّ تسوية بين الدّليل والمدلول عليه.
ويجاب من وجهين :
أحدهما : أنّا لا نسلّم احتياج ما بعد (ولا) إلى تقدير ؛ لجواز أن يكون المراد به : أنّ العهد عاصم من القتل.
والثاني : أنّ حمل الكافر المذكور على الحربيّ لا يحسن ؛ لأنّ هدر دمه من المعلوم من الدّين بالضّرورة ، فلا يتوهّم متوهّم قتل المسلم به.
ويبعد هذا الجواب قليلا أمران : أحدهما : أنّ مدلول الحديث حينئذ مستغنى عنه بما دلّ عليه قوله تعالى : (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ) [التوبة : ٤] ، فالحمل على فائدة جديدة أولى. الأمر الثاني : أنّ صدر الحديث نفي فيه القتل قصاصا لا مطلق القتل ، فقياس آخره أن يكون كذلك.
والوجه الثاني : أنّا لا نسلّم لزوم تساوي الدليل والمدلول عليه ، لأنّهما كلمتان لو لفظ بهما ظاهرتين أمكن أن يراد بأحدهما غير ما أريد بالأخرى فكذلك مع ذكر إحداهما وتقدير الأخرى. ويؤيّده عموم : (وَالْمُطَلَّقاتُ) [البقرة : ٢٢٨] ، وخصوص (وَبُعُولَتُهُنَ) [البقرة : ٢٢٨] مع عود الضّمير عليه.
٢ ـ والجواب الثاني : أنّ الأصل : لا يقتل مسلم ولا ذو عهد في عهده بكافر ، ثمّ أخّر المعطوف على الجارّ والمجرور وليس في الكلام حذف البتّة ، بل تقديم وتأخير ، وحينئذ فالتقدير : «بكافر حربيّ» وإلّا لزم ألّا يقتل ذو العهد بذي العهد وبالذّمّي.
٣ ـ والثالث : أن (ذو عهد) مبتدأ و (في عهده) خبره ، والواو للحال أي : (لا يقتل مسلم بكافر والحال أنّه ليس ذو عهد في عهده). ونحن لو فرضنا خلوّ الوقت عن عهد لجميع أفراد الكفّار لم يقتل مسلم بكافر.
وهذا الجواب حكي عن القدوري وفيه بعد ، لأنّ فيه إخراج الواو عن أصلها ـ وهو العطف ـ ومخالفة لرواية من روى : «ولا ذي عهد ...» بالخفض ؛ إمّا عطفا على (كافر) كما يقوله الأكثرون ، وإمّا على (مسلم) كما قاله الحنفيّة ، ولكنه خفض لمجاورته المخفوض. وأيضا فإنّ مفهومه حينئذ أنّ المسلم يقتل بالكافر مطلقا في حالة كون ذي العهد في عهده ، وهذا لا يقوله أحد ؛ فإنّه لا يقتل بالحربيّ اتّفاقا. إلّا