وبحباح. أنشد أحمد بنى يحيى :
أولمت يا خنّوت شرّا إيلام |
|
فى يوم نحس ذى عجاج مظلام (١) |
ما كان إلا كاصطفاق الأقدام |
|
حتى أتيناهم فقالوا : همهام (٢) |
فهذا اسم فنى ، وقوله سبحانه : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) [القيامة : ٣٤] هو اسم دنوت من الهلكة. قال الأصمعىّ فى قولها :
* فأولى لنفسى أولى لها*
قد دنت من الهلاك. وحكى أبو زيد : هاه (٣) الآن وأولاة الآن ، فأنّث أولى ، وهذا يدلّ على أنه اسم لا فعل كما يظنّ ؛ وهاه اسم قاربت ، وهى نحو أولى لك.
فأمّا الدليل على أن هذه الألفاظ أسماء فأشياء وجدت فيها لا توجد إلّا فى الأسماء. منها التنوين الذى هو علم التنكير. وهذا لا يوجد إلا فى الاسم ؛ نحو قولك : هذا سيبويه وسيبويه آخر. ومنها التثنية ، وهى من خواصّ الأسماء ، وذلك قولهم دهدرّين. وهذه التثنية لا يراد بها ما يشفع الواحد ممّا هو دون الثلاثة. وإنما الغرض فيها التوكيد بها ، والتكرير لذلك المعنى ؛ كقولك بطل بطل ، فأنت لا تريد أن تنفى كونه مرّة واحدة ، بل غرضك فيه متابعة نفيه وموالاة ذلك ؛ كما أن قولك : لا يدين بها لك ، لست تقصد بها نفى يدين ثنتين ، وإنما تريد نفى جميع قواه ، وكما قال الخليل فى قولهم : لبّيك وسعديك ، إن معناهما أن كلما كنت فى أمر فدعوتنى إليه أجبتك وساعدتك عليه. وكذلك قوله :
إذا شقّ برد شقّ بالبرد مثله |
|
دواليك حتى ليس للبرد لابس (٤) |
__________________
(١) الخنوت : العىّ الأبله. اللسان (خنت).
(٢) الرجز بل نسبة فى لسان العرب (ظلم) ، (همم) ، وتهذيب اللغة ٥ / ٣٨٣ ، وجمهرة اللغة ص ١٢٩٧ ، وتاج العروس (ظلم) ، (همهم).
(٣) هاه : هى كلمة وعيد.
(٤) البيت من الطويل ، وهو لسحيم عبد بنى الحسحاس فى ديوانه ص ١٦ ، وجمهرة اللغة ص ٤٣٨ ، والدرر ٣ / ٦٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٧ ، وشرح المفصل ١ / ١١٩ ، والكتاب ١ / ٣٥٠ ، ولسان العرب (هذذ) ، (دول) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٠١ ، وتاج العروس (دول) ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١١٨ ، وجمهرة اللغة ص ١٢٧٢ ، ورصف المبانى ص ١٨١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٣ ، ومجالس ثعلب ١ / ١٥٧ ، والمحتسب ٢ / ٢٧٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨٩.