فرغت للزمتك.
وأنشد رجل من أهل المدينة أبا عمرو بن العلاء قول ابن قيس الرقيّات :
ن الحوادث بالمدينة قد |
|
أوجعننى وقرعن مروتيه (١) |
فانتهره أبو عمرو ، فقال : ما لنا ولهذا الشعر الرخو! إن هذه الهاء لم توجد فى شيء من الكلام إلا أرخته. فقال له المدينىّ : قاتلك الله! ما أجهلك بكلام العرب! قال الله ـ عزوجل ـ فى كتابه : (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ* هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) [الحاقة : ٢٨ ، ٢٩] وقال : (يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ* وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ) [الحاقة : ٢٥ ، ٢٦] فانكسر أبو عمرو انكسارا شديدا. قال أبو هفّان : وأنشد هذا الشعر عبد الملك بن مروان ، فقال : أحسنت يا بن قيس ، لو لا أنك خنّثت قافيته. فقال يا أمير المؤمنين ما عدوت قول الله ـ عزوجل ـ فى كتابه : (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ* هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) فقال له عبد الملك : أنت فى هذه أشعر منك فى شعرك.
قال أبو حاتم : قلت للأصمعىّ : أتجيز : إنك لتبرق لى وترعد؟ فقال : لا ، إنما هو تبرق وترعد. فقلت له : فقد قال الكميت :
أبرق وأرعد يا يزي |
|
د فما وعيدك لى بضائر (٢) |
فقال : هذا جرمقانىّ من أهل الموصل ، ولا آخذ بلغته. فسألت عنها أبا زيد الأنصارىّ ، فأجازها. فنحن كذلك إذ وقف علينا أعرابىّ محرم ، فأخذنا نسأله.
فقال (أبو زيد) : لستم تحسنون أن تسألوه. ثم قال له : كيف تقول : إنك لتبرق لى
__________________
(١) البيت من قصيدة فى ديوانه يقولها فى رثاء من مات من أهله فى وقعة الحرّة. وقبله :
ذهب الصبا وتركت غيتيه |
|
ورأى الغوانى شيب لمتيه |
وهجرتنى وهجرتهن وقد |
|
غنيت كرائمها يطفن بيه |
إذ لمتى سوداء ليس بها |
|
وضح ولم أفجع بإخوتيه |
الحاملين لواء قومهم |
|
والذائدين وراء عورتيه (نجار). |
(٢) البيت من مجزوء الكامل ، وهو للكميت فى ديوانه ١ / ٢٢٥ ، ولسان العرب (رعد) ، (برق) ، وتهذيب اللغة ٢ / ٢٠٨ ، ٩ / ١٣١ ، وجمهرة اللغة ص ٦٣٢ ، وكتاب العين ٢ / ٣٤ ، ٥ / ١٥٦ ، وديوان الأدب ٢ / ٣١٦ ، وتاج العروس (رعد) ، والاشتقاق ص ٤٤٧ ، وأمالى القالى ١ / ٩٦ ، وسمط اللآلى ص ٣٠٠ ، وبلا نسبة فى مقاييس اللغة ١ / ٢٢٢ ، ٢٢٣ ، ٢ / ٤١١ ، والمخصص ١٤ / ٢٢٨ ، وديوانه ١ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧.