فرفع سيبويه (الضامر) فقال له الرجل : إن فيها :
* والرحل (ذى الأقتاد) والحلس (١) *
فقال سيبويه : من هذا هربت. وصعد فى الدّرجة. قال أبو الفتح : هذا عندنا محمول على معناه دون لفظه. وإنما أراد : يا ذا العنس الضامر ، والرحل (ذى الأقتاد) فحمله على معناه ، (دون لفظه).
قال أبو العباس : حدّثنى أبو عثمان قال : جلست فى حلقة الفرّاء ، فسمعته يقول لأصحابه : لا يجوز حذف لام الأمر إلا فى شعر. وأنشد :
من كان لا يزعم أنى شاعر |
|
فيدن منّى تنهه المزاجر (٢) |
قال : فقلت له : لم جاز فى الشعر ولم يجز فى الكلام؟ فقال : لأن الشعر يضطرّ فيه الشاعر ، فيحذف. قال : فقلت : وما الذى اضطرّه هنا ، وهو يمكنه أن يقول : فليدن منّى؟ قال : فسأل عنىّ ، فقيل له : المازنىّ ، فأوسع لى. قال أبو الفتح : قد كان يمكن الفرّاء أن يقول له : إن العرب قد تلزم الضرورة فى الشعر فى حال السعة ؛ أنسا بها (واعتيادا لها) ، وإعدادا لها لذلك عند وقت الحاجة إليها ؛ ألا ترى إلى قوله :
قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى |
|
علىّ ذنبا كلّه لم أصنع |
فرفع للضرورة ، ولو نصب لما كسر الوزن. وله نظائر. فكذلك قال : (فيدن منى) وهو قادر على أن يقول : (فليدن منى) ؛ لما ذكرت.
والمحفوظ فى هذا قول أبى عمرو لأبى خيرة وقد قال : استأصل الله عرقاتهم ـ
__________________
٢ / ١٩٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٤٠ ، وشرح قطر الندى ص ٢١١ ، وشرح المفصل ٢ / ٨ ، ومجالس ثعلب ١ / ٣٣٣ ، ٢ / ٥١٣ ، والمقتضب ٢ / ٥٤ ، ٤ / ٢٢٣ ، والمقرب ١ / ١٧٩.
(١) عجز بيت من الكامل ، وهو لخالد بن مهاجر فى الأغانى ١٠ / ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١٣٦ ، ١٦ / ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ولخزز بن لواذان فى خزانة الأدب ٢ / ٢٣٠ ، ٢٣٣ ، والكتاب ٢ / ١٩٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٤٠ ، وشرح قطر الندى ص ٢١١ ، وشرح المفصل ٢ / ٨ ، ومجالس ثعلب ١ / ٣٣٣ ، ٢ / ٥١٣ ، والمقتضب ٢ / ٥٤ ، ٤ / ٢٢٣ ، والمقرب ١ / ١٧٩.
(٢) الرجز بلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٥٣٣ ، ورصف المبانى ص ٢٥٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٩٢ ، والشعر والشعراء ١ / ١٠٦ ، ولسان العرب (زجر) ، وتاج العروس (زجر).