أقول : هذا الحديث وإن كان ضعيفا فقد نص النووى وغيره من الحفاظ على جواز رواية الضعيف فى الفضائل انتهى.
وفى رواية أخرى ينزل الله على أهل المسجد مسجد مكة كل يوم عشرين ومائة رحمة الحديث.
قال المحب الطبرى : ولا تضاد بين الروايتين ، بل يجوز أن يريد بمسجد مكة البيت ، ويطلق عليه مسجد بدليل قوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (سورة البقرة : ١٤٤) ويجوز أن يريد مسجد الجماعة وهو الأظهر ، ويكون هو المراد بالتنزيل على أهل المسجد ، ولهذا انسحبت على أنواع العبادات الكائنة فى المسجد (١). انتهى.
ثم قال أيضا عند كلامه على هذا الحديث : يحتمل فى تأويل القسم بين كل فريق وجهان : الأول قسمة الرّحمات بينهم على المسمّى بالسّويّة ، لا على العمل بالنظر إلى قلته وكثرته وصفته ، وما زاد على المسمى فإنه ثواب من غير هذا الوجه ، ونظير هذا : أعط الداخلين بيتى مائة دينار ، فدخل واحد مرة ، وآخر مرارا فلا خلاف فى تساويهما فى القسم(٢).
الوجه الثانى : وهو الأظهر قسمتها بينهم على قدر العمل ، لأن الحديث ورد فى سياق الحثّ والتحضيض وما هذا سبيله لا يستوى فيه الآتى بالأقل والأكثر (٣).
ثم قال بعد أن استوفى الكلام فى كيفية قسمة الرحمات : إذا تقرر ذلك فالتفضيل فى الرحمات بين المتعبدين بأنواع العبادات الثلاث ، أدل دليل على أفضلية الطواف على الصلاة، والصلاة على النظر ، وإذا تساووا فى الوصف ، هذا هو المتبادر إلى الفهم عند سماع ذلك فيخص به وبما ورد من الأحاديث المتقدمة فى فضل الطواف [من] عموم قولهصلىاللهعليهوسلم : واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة. أو تقول : الطواف نوع من الصلاة فيكون داخلا فى عموم حديث تفضيل الصلاة على سائر أعمال البدن ، ولا ينكر أن بعض الصلاة أفضل من بعض (٤).
__________________
(١) القرى ص ٣٢٥.
(٢) القرى ص ٣٢٥.
(٣) القرى ص ٣٢٦.
(٤) القرى ص ٣٢٦ وما بين حاصرتين منه.