الله به ومنعكم ، نزعتم أنصابه! الآن تتخطفكم العرب فأعادوها ، فأخبر جبريل عليهالسلام النبىصلىاللهعليهوسلم بذلك ، فقال له صلىاللهعليهوسلم هل أصابوا فى ذلك ، فقال جبريل عليهالسلام : ما وضعوا نصبا إلا بيد ملك ، ثم جددت عام الفتح بأمره صلىاللهعليهوسلم ، وجددت أيضا فى زمن عمر وعثمان ومعاوية وعبد الملك بن مروان والمهدى العباسى (١).
واختلف العلماء فى مكة وحرمها هل صار آمنا بسؤال الخليل عليهالسلام؟ أم كان ذلك منذ خلق الله السموات والأرض. الصحيح الثانى ، ويشهد له ما رواه ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلىاللهعليهوسلم خطب يوم فتح مكة فقال : إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلى ، ولم يحل لى إلا ساعة من نهار ، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة ، لا يعضد شوكه ، ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرّفها ، ولا يختلى خلاه إلى آخر ما قاله صلىاللهعليهوسلم فقال العباس : يا رسول الله ، إلا الإذخر (٢) ، فإنه لقينهم ولبيوتهم (٣) ، فقال : إلا الإذخر (٤). متفق عليه ، وورد فى لفظ فى الصحيحين ولا يعضد شجرها ، يعنى مكة والمراد الحرم.
سؤال : إن قيل قد ثبت عنه صلىاللهعليهوسلم إن إبراهيم حرم مكة وإنى حرمت المدينة فهذا تصريح بتحريم الخليل عليهالسلام. أجيب عنه بأن إبراهيم عليهالسلام إنما أظهر حكم التحريم بعد أن كان مهجورا وسببه أن الطوفان لما وقع اندرس البيت الشريف ونسى ذلك الحكم وهجر ، والذى تجدد بسؤال إبراهيم هو أن يجعله آمنا من الجدب والقحط وأن يرزق أهله من الثمرات. والعضد فيما تقدم القطع ، والمراد من تنفير صيده أن لا يصاح عليه فينفر.
__________________
(١) شفاء الغرام ج ١ ص ٨٦.
(٢) الإذخر : نبات عشبى ، من فصيلة النجيليات ، وله رائحة ليمونية عطرة ، وأزهاره تستعمل منقوعا كالشاى ، ويقال له أيضا : طيب العرب ، والإذخر المكى من الفصيلة نفسها ، جذوره من الأفاويه ، ينبت فى السهول وفى المواضع الجافة الحارة ، ويقال له أيضا : حلفاء مكة.
(٣) لقينهم ولبيوتهم : القين : هو الحداد والصائغ ، ومعناه يحتاج إليه القين فى وقود النار ، ويحتاج إليه فى القبور لتسدّ به فرج اللحد المتخللة بين اللبنات ، ويحتاج إليه فى سقوف البيت ، يجعل فوق الخشب.
(٤) أخرجه مسلم : كتاب الحج : باب تحريم مكة وصيدها وخلاها ... ج ٢ ص ٤٢٣ وانظر لذلك أيضا : شفاء الغرام ج ١ ص ١٠٨.