أقول : إذا كان المراد من التنفير ما ذكر فمن باب أولى أن لا يضرب بعصا وحجر ونحوهما كما يفعله كثير من الناس لتأذيه بذلك أكثر ويستفاد من ذكر الصيد العموم ، سواء كان من الحمام القاطن بمكة أو من غيره مما يدخل من الحل إليها ، لأنه بالدخول استفاد الأمن كما صرح به علماؤنا فى فروعهم. انتهى.
وعن عكرمة ، تنفير الصيد : أن تنحيه من الظل وتنزل مكانه. والخلا ـ بفتح الخاء والقصر : الحشيش إذا كان رطبا فإذا يبس فهو حشيش وهشيم ، والاختلاء القطع أيضا ، والإذخر نبت طيب الريح معروف عند أهل مكة. وفى حكم الإذخر : السنا ونحوه مما يحتاج إليه.
أقول : لقائل أن يقول : هذا إذا كان ما يحتاج إليه من الإذخر ونحوه لا ينبت إلا فى الحرم فقط ، وأما إذا نبت فيه وفى الحل فينبغى أن يترك ما فى الحرم ويؤخذ مما فى الحل امتثالا للحديث وعملا بمقتضاه ، وإن كان فى ذلك مشقة ، لأنه حينئذ يكون أخذا بالعزيمة والاسثناء فى الحديث للرخصة. انتهى.
والقين : الحداد لأنه يحتاج إليه فى عمل النار واحتياج البيوت لأجل السقوف واستثناؤه صلىاللهعليهوسلم على الفور. تمسك به من الأصوليين من يقول بجواز الاجتهاد منه صلىاللهعليهوسلم أو تفويض الحكم إليه. ثم قيل إن السبب فى سؤال العباس رضى الله عنه كونه من أهل مكة ، وقد علم أنه لا بد لهم منه.
أقول : غير العباس من قريش من أهل مكة أيضا ولم يسأل ، فإما لكونه لم يعلم أنهم لم يستغنوا عنه أو يكون ترك ذلك تأدبا مع العباس لمكانته وفضله وقربه منه صلىاللهعليهوسلم فتأمل انتهى.
قال شيخ الاسلام ابن حجر رحمهالله فى «فتح البارى» ناقلا عن ابن التين : والحق أن سؤال العباس كان على وجه الضراعة ، وترخيص النبى صلىاللهعليهوسلم كان تبليغا عن الله إما بطريق الوحى أو الإلهام ، ومن ادعى أن نزول الوحى يحتاج إلى أمد متسع فقد وهم. انتهى.