كعب القرظى والكلبى ورواه عطاء بن أبى رباح وأبو الجوزاء ويوسف بن ماهك عن ابن عباس ، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت.
واحتج القائلون بأنه إسحاق من القرآن بأن الله تعالى أخبر عن خليله عليهالسلام حين فارق قومه مهاجرا إلى الشام بامرأته سارة وابن أخيه لوط عليهالسلام : (وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) (سورة الصافات : ٩٩) أنه دعا إذ ذاك فقال (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (سورة الصافات : ١٠٠) وكان ذلك قبل أن يعرف هاجر وقبل أن تصير له ، ثم اتبع ذلك الخبر عن إجابته ودعوته وتبشيره إياه بغلام حليم ، ثم عن رؤيا إبراهيم أن يذبح ذلك الغلام الذى بشر به حين بلغ معه السعى ، وليس فى القرآن أنه بشر بولد إلا بإسحاق.
وأما حجة القائلين بأنه إسماعيل من القرآن فهو ما رواه محمد بن إسحاق عن محمد ابن كعب القرظى أنه كان يقول إن الذى أمر الخليل عليهالسلام بذبحه هو إسماعيل لأن الله تعالى قال حين فرغ من قصة المذبوح (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (سورة الصافات : ١١٢) وقال تعالى : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) (سورة هود : ٧١) ابن وابن ابن ، ولم يكن يأمره بذبح إسحاق وله فيه من الله الموعود ، فلما لم يذكر الله تعالى إسحاق إلا بعد انقضاء الذبح ثم بشره بولد اسحاق علم أن الذبيح إسماعيل.
أقول : فذكرت ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كنت معه بالشام فقال لى عمر وإنى لأراه كما قلت ، ثم أرسل عمر إلى رجل كان يهوديا بالشام وقد أسلم وحسن إسلامه فسأله عن ذلك وأنا عنده فقال : الذبيح إسماعيل وإن اليهود لتعلم ذلك ، ولكنهم يحسدون العرب على ذلك لكون إسماعيل أباهم ويقولون : إنه إسحاق لأنه أبوهم انتهى قول صاحب «المنهاج».
(أقول) : احتجاج القرظى رحمهالله بهذه الآيات المذكورة فى كون الذبيح إسماعيلعليهالسلام لا يتم إلا بأن تكون آية الذبح متقدمة تلاوة ونزولا ، أما لو تقدمت تلاوة وتأخرت عن آية البشرى فى النزول احتملت أن يكون إسحاق هو الذبيح أيضا وسقط الاستدلال بها. وأما قول القرظى : ولم يكن يأمره إلى آخره الذى فسر به الآية الأخرى من سورة هود لا ينافى كون الذبيح إسحاق ، لأنه لما سبق فى علم الله سبحانه أنه لا يذبح ،