وقد أوردت في كتاب إمتاع الأسماع بما للرسول من الأنباء والأحوال والحفدة والمتاع صلىاللهعليهوسلم ، نظير هذه الواقعة ، وقع لضريح رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولم يزل قبر الشافعيّ يزار ويتبرّك به إلى أن كان يوم الأحد لسبع خلت من جمادى الأولى سنة ثمان وستمائة ، فانتهى بناء هذه القبة التي على ضريحه ، وقد أنشأها الملك الكامل المظفر المنصور أبو المعالي ناصر الدين محمد ظهير أمير المؤمنين ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب ، وبلغت النفقة عليها خمسين ألف دينار مصرية ، وأخرج في وقت بنائها بعظام كثيرة من مقابر كانت هناك ، ودفنت في موضع من القرافة ، وبهذه القبة أيضا قبر السلطان الملك العزيز عثمان بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، وقبر أمّه شمسة ، وقيل فيها عدّة أشعار ، منها قول الأديب الكاتب ضياء الدين أبي الفتح موسى بن ملهم :
مررت على قبّة الشافعيّ |
|
فعاين طرفي عليها العشاري |
فقلت لصحبي لا تعجبوا |
|
فإنّ المراكب فوق البحار |
وقال علاء الدين أبو عليّ عثمان بن إبراهيم النابلسي :
لقد أصبح الشافعيّ الإما |
|
م فينا له مذهب مذهب |
ولو لم يكن بحر علم لما |
|
غدا وعلى قبره مركب |
وقال آخر :
أتيت لقبر الشافعيّ أزوره |
|
تعرّضنا فلك وما عنده بحر |
فقلت تعالى الله تلك إشارة |
|
تشير بأنّ البحر قد ضمّه القبر |
وقال شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد بن حماد البوصيريّ صاحب البردة :
بقبة قبر الشافعيّ سفينة |
|
رست في بناء محكم فوق جلمود |
ومذ غاض طوفان العلوم بقبره استوى الفلك من ذاك الضريح على الجودي
ومنها قبر الإمام الليث بن سعد : رحمهالله ، قد اشتهر قبره عند المتأخرين ، وأوّل ما عرفته من خبر هذا القبر أنه وجدت مصطبة في آخر قباب الصدف ، وكانت قباب الصدف أربعمائة قبة فيما يقال ، عليها مكتوب الإمام الفقيه الزاهد العالم الليث بن سعد بن عبد الرحمن أبو الحارث المصريّ مفتى أهل مصر ، كما ذكر في كتاب هادي الراغبين في زيارة قبور الصالحين ، لأبي محمد عبد الكريم بن عبد الله بن عبد الكريم بن عليّ بن محمد بن عليّ بن طلحة ، وفي كتاب مرشد الزوّار للموفق ابن عثمان. وذكر الشيخ محمد الأزهريّ في كتابه في الزيارة : أن أوّل من بنى عليه وحيز كبير التجار أبو زيد المصريّ ، بعد