أرض مصر إلى بلاد الروم ، فاجتمعوا بأسرهم تحت القصر من القاهرة واستغاثوا ولاذوا بعفو أمير المؤمنين حتى أعفوا من النفي ، وفي هذه الحوادث أسلم كثير من النصارى.
وفي سنة سبع وأربعمائة وثب بعض أكابر البلغر على ملكهم قمطورس فقتله وملك عوضه ، وكتب إلى باسيل ملك قسطنطينية بطاعته فأقرّه ، ثم قتل بعد سنة فسار الملك باسيل إليهم في شوّال سنة ثمان وأربعمائة واستولى على مملكة البلغر وأقام في قلاعها عدّة من الروم ، وعاد إلى قسطنطينية فاختلط الروم بالبغر ونكحوا منهم وصاروا يدا واحدة بعد شدّة العداوة ، وقدّم اليعاقبة عليهم سابونين بطركا بالإسكندرية في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة ، في يوم الأحد ثالث عشري برمهات ، فأقام خمس عشرة سنة ونصفا ومات في طوبه ، وكان محبا للمال ، وأخذ الشرطونية فخلا الكرسيّ بعده سنة وخمسة أشهر ، ثم قدّم اليعاقبة أخر سطوديس بطركا في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ، فأقام ثلاثين سنة ومات بالمعلقة من مصر ، وهو الذي جعل كنيسة بومرقوره بمصر ، وكنيسة السيدة بحارة الروم من القاهرة في أيام بطركيته ، فلم يقم بعده بطرك اثنين وسبعين يوما ، ثم أقام اليعاقبة كيرلص ، فأقام أربع عشرة سنة وثلاثة أشهر ونصفا ومات بكنيسة المختار من جزية مصر المعروفة بالروضة ، في سلخ ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وأربعمائة ، وعمل بدلة للبطاركة من ديباج أزرق وبلارية ديباج أحمر بتصاوير ذهب ، وقطع الشرطونية فلم يول بعده بطرك مدّة مائة وأربعة وعشرين يوما ، ثم أقيم ميخائيل الحبيس بسنجار في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة ، فأقام تسع وسنين وثمانية أشهر ومات في المعلقة بمصر ، وكان المستنصر بالله لما نقص نيل مصر بعثه إلى بلاد الحبشة بهدية سنية ، فتلقاه ملكها وسأله عن سبب قدومه ، فعرّفه نقص النيل وضرر أهل مصر بسبب ذلك ، فأمر بفتح سدّ يجري منه الماء إلى أرض مصر ، ففتح وزاد النيل في ليلة واحدة ثلاثة أذرع ، واستمرّت الزيادة حتى رويت البلاد وزرعت ، ثم عاد البطرك فخلع عليه المستنصر وأحسن إليه.
وفي سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة قدّم اليعاقبة مقاري بطركا بدير بومقار ، وكمل بالإسكندرية وعاد إلى مصر ، ثم مضى إلى دير بومقار فقدّس به ثم جاء إلى مصر فقدّس بالمعلقة ، فأقام ستا وعشرين سنة وأحدا وأربعين يوما ومات. فخلت مصر من بطرك اليعاقبة سنتين وشهرين ، وفي أيامه حدثت زلزلة عظيمة بمصر هدم فيها كنيسة المختار بالروضة ، واتهم الأفضل بن أمير الجيوش بهدمها ، فإنها كانت في بستانه. وفي أيامه أبطل عوايد كثيرة للنصارى ، فبطلت بعده. ثم قدّم اليعاقبة غيريال المكنى بأبي العلا صاعد بن تربك الشماس بكنيسة مرقوريوس في سنة خمس وعشرين وخمسمائة بالمعلقة ، وكمل بالإسكندرية وقدّس بالأديرة بوادي هبيب ، وأقام أربع عشرة سنة ومات ، فخلا بعده كرسيّ اليعاقبة ثلاثة أشهر. ثم قدّم اليعاقبة ميخائيل بن التقدوسيّ الراهب بقلاية دمشري بطركا ، فأقام مدّة سنة وسبعين يوما ، ثم أقيم يونس أبو الفتح بطركا بالمعلقة ، وكمل بالإسكندرية ، فأقام تسع عشرة سنة