وروى عنه ابن القاسم : لا أرى ذلك ، ولا يخرج إلى الحج والغزو سائلا. وكره مالك أن تحج النساء في البحر. واختلف عنه في حج النساء ماشيات إذا قدرن على ذلك. ولا حج على المرأة إلا إذا كان معها ذو محرم ، واختلف إذا عدمته. فقال الحسن ، والنخعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، وأحمد ، وإسحاق : المحرم من السبيل ولا حج عليها إلا مع ذي محرم. قال أبو حنيفة : إذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا ، وإذا وجدت محرما فهل لزوجها أن يمنعها في الفرض؟ قال الشافعي : له أن يمنعها وعن مالك روايتان : المنع ، وعدمه. والمحرم من لا يجوز له نكاحها على التأبيد بقرابة ، أو رضاع ، أو صهر ، والحرّ والعبد والمسلم والذمي في ذلك سواء ، إلا أنّ يكون مجوسيا يعتقد إباحة نكاحها أو مسلما غير مأمون ، فلا تخرج ولا تسافر معه. وقال مالك : تخرج مع جماعة نساء. وقال الشافعي : مع حرة ثقة مسلمة. وقال ابن سيرين : مع رجل ثقة من المسلمين. وقال الأوزاعي : مع قوم عدول ، وتتخذ سلما تصعد عليه وتنزل ، ولا يقربها رجل.
واختلفوا في وجوب الحج مع وجود المكوس والغرامة. فقال سفيان الثوري : إذا كان المكس ، ولو درهما سقط فرض الحج عن الناس. وقال عبد الوهاب : إذا كانت الغرامة كثيرة مجحفة سقط الفرض. فظاهر كلامه هذا أنّها إذا كانت كثيرة غير مجحفة به لسعة ماله فلا يسقط ، وعلى هذا جماعة أهل العلم ، وعليه مضت الأعصار. وأجمعوا على أن المريض والمعضوب لا يلزمهما المسير إلى الحج. فقال مالك : يسقط عن المعضوب فرض الحج ، ولا يحج عنه في حال حياته. فإن وصى أن يحج عنه بعد موته حج من الثلث ، وكان تطوّعا. وقال الثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، وابن المبارك ، وأحمد ، وإسحاق : إذا كان قادرا على مال يستأجر به لزمه ذلك ، وإذا بذل أحد له الطاعة والنيابة لزمه ذلك ببذل الطاعة عند الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال أبو حنيفة : لا يلزمه الحج ببذل الطاعة ، ولو بذل له مالا فالصحيح أنه لا يلزمه قبوله. ومسائل فروع الاستطاعة كثيرة مذكورة في كتب الفقه.
(وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) قال ابن عباس : بوجوب الحج ، فمن زعم أنه ليس بفرض عليه فقد كفر. وقال مثله : الضحاك ، وعطاء ، والحسن ، ومجاهد ، وعمران القطان. وقال ابن عمر وغيره : ومن كفر بالله واليوم الآخر. وقال ابن زيد : ومن كفر بهذه الآيات التي في البيت. وقال السدي وجماعة : ومن كفر بأن وجد ما يحج به فلم يحج ، فهذا كفر معصية ، بخلاف القول الأول فإنه كفر جحود. ويصير على قول السدي لقوله :