(أَوْ يَكْبِتَهُمْ) : أي ليخزيهم ويغيظهم ، فيرجعوا غير ظافرين بشيء مما أملوه. ومتى وقع النصر على الكفار ، فإما بقتل ، وإما بخيبة ، وإما بهما. وهو كقوله : (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً) (١). وقرأ الجمهور أو تكبتهم بالتاء. وقرأ لاحق بن حميد : أو يكبدهم بالدال مكان التاء ، والمعنى : يصيب الحزن كبدهم. وللمفسرين في يكبتهم أقوال : يهزمهم قاله : ابن عباس والزجاج ، أو يخزيهم قاله : قتادة ومقاتل ، أو يصرعهم قاله : أبو عبيد واليزيدي ، أو يهلكهم قاله : أبو عبيدة. أو يلعنهم قاله : السدي. أو يظفر عليهم قاله : المبرد. أو يغيظهم قاله : النضر بن شميل ، واختاره ابن قتيبة. وأما قراءة لاحق فهي من إبدال الدال بالتاء كما قالوا. هوت الثوب وهرده إذا حرقه ، وسبت رأسه وسبده إذا حلقه ، فكذلك كبت العدو وكبده أي أصاب كبده.
واللام في ليقطع يتعلق قيل : بمحذوف تقديره أمدكم أو نصركم. وقال الحوفي : بتعلق بقوله : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ) (٢) أي نصركم ليقطع. قال : ويجوز أن يتعلق بقوله : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ). ويجوز أن تكون متعلقة بيمددكم. وقال ابن عطية : وقد يحتمل أن تكون اللام متعلقة بجعله ، وقيل : هو معطوف على قوله. ولتطمئن ، وحذف حرف العطف منه ، التقدير : ولتطمئن قلوبكم به وليقطع ، وتكون الجملة من قوله : وما النصر إلا من عند الله اعتراضية بين المعطوف عليه والمعطوف. والذي يظهر أن تتعلق بأقرب مذكور وهو : العامل من في عند الله وهو خبر المبتدأ. كأنّ التقدير : وما النصر إلا كائن من عند الله ، لا من عند غيره. لأحد أمرين : إما قطع طرف من الكفار بقتل وأسر ، وإما بخزي وانقلاب بخيبة. وتكون الألف واللام في النصر ليست للعهد في نصر مخصوص ، بل هي للعموم ، أي : لا يكون نصر أي نصر من الله للمسلمين على الكفار إلا لأحد أمرين.
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (١٢٨) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (١٣١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢)
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٢٥.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٢٣.