القضية المتقدمة ، وهو بعيد في الغاية ، فلا بد أن يكون هدفه هو الحرب من أجل المال أو الجاه ، وغيره من المكاسب الدنيوية ، مهما كانت تافهة وحقيرة.
٣ ـ وإن من الأمور التي شاعت وذاعت ، ورواها المحدثون والمؤرخون بشكل واسع قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» في سمرة ، وأبي هريرة ، وأبي محذورة : آخركم موتا في النار. فكان سمرة آخرهم موتا (١).
وتأويل ذلك : بأن سمرة قد مات في قدر مملوءة ماء حارا (٢) لا يصح ، لأنه خلاف الظاهر ، فإن ظاهر الكلام : أن المراد هو النار الأخروية ، كما هو المتبادر ، لا أن موته بسبب أن النار تجعل الماء حارا ، ثم يقع فيه ؛ فإن ذلك ـ بالإضافة إلى أنه مجاز لا مبرر له إلا إرادة تبرئة ساحة رجل له أمثال تلك الجنايات والعظائم ـ لا يصح ، إذ لو كان هو المراد لكان الأصح هو التعبير بقوله : (بالنار) ، لا (في النار) ، أو يقول : في الماء الحار ، ونحو ذلك.
فهذه الكرامة له ، والتي تقول : إنه كان يتشوق للمشاركة في الحرب ، رغم صغر سنه ، ثم مصارعته لرافع ، لا تناسب كل ما أشرنا إليه آنفا ، ولا تنسجم مع واقع سمرة ونفسيته.
ولعل سر تكرم محبيه عليه بهذه الفضيلة ، هو طاعته الخارقة لمعاوية ، ومعاونته لابن زياد ، وتحريضه على قتل الحسين «عليه السلام» ، وغير ذلك.
ولو أننا قبلنا صدور ذلك منه ؛ فإنه ـ ولا شك ـ قد انقلب على عقبيه بعد ذلك ، ولا تنفعه أمثال هذه الأمور ، بعد أن كانت عاقبته هي النار.
__________________
(١) راجع : قاموس الرجال ، والاصابة ج ٢ ص ٧٩ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ٧٨.
(٢) راجع : الاصابة ج ٢ ص ٧٩ ، والإستيعاب بهامشها ج ٢ ص ٧٨.