رفضا أو قبولا ؛ فإن دخولهم على مجتمع قد عاملهم هذه المعاملة القاسية ، في أكثر القضايا حساسية ، عاطفيا ، واجتماعيا ، «بل ربما توجب لهم ـ على حد فهمهم وزعمهم ـ عار الدهر» سوف يكون صعبا جدا ، ولا سيما إذا كان لا بد أن يطلب منهم : التعامل مع هذا المجتمع بروح الصفاء ، والمحبة والأخوة. وأنى يمكنهم ذلك بعد الذي كان؟
ثانيا : إنه إذا كان لم يسب لقريش أحد ، ولم تستطع أن تنسى ثارات بدر ، وأحد ، وسائر المعارك. حتى إن حرب صفين ـ كما قالت أم الخير بنت الحريش ـ كانت لإحن بدرية ، وأحقاد جاهلية ، وضغائن أحدية ، وثب بها معاوية حين الغفلة ؛ ليدرك ثارات بني عبد شمس (١).
بل إن مجزرة كربلاء ، وفاجعة قتل الإمام الحسين «عليه السلام» وأهل بيته وأصحابه ، كانت لها دوافع بدرية ، وإحن أحدية أيضا ، فقد قال اللعين يزيد بن معاوية :
ليت أشياخي ببدر شهدوا |
|
جزع الخزرج من وقع الأسل |
لأهلوا واستهلوا فرحا |
|
ثم قالوا : يا يزيد لا تشل |
قد قتلنا القرم من أشياخهم |
|
وعدلنا ميل بدر فاعتدل |
ولما وصل رأس الحسين «عليه السلام» إلى المدينة رمى مروان بالرأس
__________________
(١) العقد الفريد (ط دار الكتاب) ج ٢ ص ١١٥ ، وصبح الأعشى ج ١ ص ٢٩٧ ، وبلاغات النساء ص ٥٧ ، وفي الغدير ج ٩ ص ٣٧١ ، ونهاية الأرب ج ٧ ص ٢٤١.