لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَ)(١) الآية.
وقال بعضهم : وأنزل الله : (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)(٢).
فلما رأى خالد قلة من على الثغرة ، وخلاء الجبل ، واشتغال المسلمين بالغنيمة ، ورأى ظهورهم خالية ، صاح في خيله ، فمر بهم ، وتبعه عكرمة في جماعة ؛ فحملوا على من بقي في الثغرة ؛ فقتلوهم جميعا ، ثم حملوا على المسلمين من خلفهم. ورأت قريش المنهزمة عودة رجالها للحرب ، ورفعت الحارثية لواءهم الذي كان ملقى على الأرض ؛ فعادوا إلى الحرب من جديد.
وإذا كان المسلمون قد تفرقوا ، وانتقضت صفوفهم ، ولم يعودوا صفا واحدا كالبنيان المرصوص ، يشد بعضه بعضا ، وفقدوا الارتباط بقيادتهم الحكيمة ، وهم في طلب المغنم ، فمن الطبيعي أن لا يتمكنوا من مقاومة هذه الحملة الضارية ، وأن يضيعوا بين أعدائهم ، فكان هم كل واحد منهم أن ينجو بنفسه فقد «أهمتهم أنفسهم» على حد تعبير القرآن الكريم. لا سيما وأن أحد المشركين قد قصد مصعب بن عمير وهو يذب عن رسول الله ، فظن أنه الرسول فقتله ، فيقال : إن اللواء كان معه ، فأخذه أبو الروم.
ويقال : بل أخذه ملك في صورة مصعب.
والذي عليه المحققون : أن النبي «صلى الله عليه وآله» أعطاه عليا «عليه السلام» ، وقد قدمنا أن الظاهر : هو أن هذا اللواء خاص ، وليس هو لواء
__________________
(١) الآية ١٦١ من سورة آل عمران.
(٢) الآية ١٥٢ من سورة آل عمران.