من قبل حكام الجور والانحراف ذريعة لقتل الأبرياء ، والتخلص من خصومهم السياسيين ، ثم يحتجون بأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد فعل ذلك.
٥ ـ كما أنه لا يبقى مجال للتعصبات القبلية ، التي ربما تؤدي إلى خروج قبيلة بكاملها من الإسلام. ولعله لأجل ذلك نجد أبا سفيان لا يثأر لأبي أزيهر الدوسي ، وكان في جواره ، ومنع ولده من ذلك أيضا ، وقال له : «أتريد أن تفرق بين قريش ؛ فيقوى علينا محمد؟ لعمري ما بدوس عجز عن طلب ثأرهم» (١).
٦ ـ هذا كله ، عدا عن أنه «صلى الله عليه وآله» لو فعل ذلك ، لخسر أبناء المقتولين ، وإخوانهم ، وكثيرا من عشائرهم ، وأصبحت علاقاتهم به لا تقوم على أساس الحب ، بل على أساس الخوف من سلطانه ، الأمر الذي سوف يدفع الكثيرين منهم للبحث عن منافذ للفرار ، والتخلص من هيمنة رجل قتل أحباءهم بالأمس ، ولربما تصل النوبة إليهم اليوم أو غدا.
الثالث : إن موقف الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» من وحشي ، وقوله له : غيب وجهك عني ، إن دل على شيء ؛ فإنما يدل على أن وحشيا لم يكن مسلما حقا ؛ إذ لا يمكن أن يقول النبي «صلى الله عليه وآله» ذلك لمسلم مؤمن ؛ بسبب ما كان قد ارتكبه حين كفره ، فإن الإسلام يجب ما قبله. وعليه فإن التشهد بالشهادتين ، وإن حقن دم وحشي ، إلا أنه إنما أسلم حينما رأى البأس ، بعد أن أهدر النبي «صلى الله عليه وآله» دمه. فإسلامه وإيمانه لا ينفعه ؛ لأنه في الحقيقة لم يكن مستندا إلى الاختيار ، ولا إلى القناعة
__________________
(١) نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٣٢٣.