كان نبيا ـ هي أساس النجاح. ولربما تكون مخالفة أفراد معدودين سببا في دمار جيش بكامله ، كما كان الحال في قضية أحد.
٥ ـ كما أن عناية الله تعالى بهم ، وتسديده لهم ، لا يعني إلغاء جميع الأسباب الطبيعية كلية ، كما لا يعني أن هذه العناية ، وذلك الإمداد مطلق غير مشروط ؛ بل هو مشروط قطعا بالسعي من قبلهم نحو الهدف الأسمى ، والبذل والتضحيات التي تؤهلهم لأن يكونوا موضعا لعنايات الله وألطافه ، (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ)(١). أو على الأقل لا بد لاستمرار هذه العناية الإلهية من حفظ الحد الأدنى من الارتباط بالقيادة ، وتنفيذ أوامرها. وإلا لم يكن لهذه المواقف والحرب أثرها النفسي ، والاجتماعي ، والتربوي المطلوب.
٦ ـ قد ظهر مما تقدم : أن الذين تركوا مراكزهم قد ظنوا ـ أو ظن بعضهم ـ : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» سيغلّ ، أي يخونهم ، فلا يقسم لهم.
وهذا يدل : على أن من بين هؤلاء من لم يكن على درجة حسنة من المعرفة والوعي ، ولربما الإيمان أيضا. ولو كان كذلك ، فلا أقل من أن أخلاقياته وروحياته ، بما في ذلك الإعراض عن الدنيا والإيثار ، لم تكن بالمستوى المطلوب ، إن لم نقل : إنه منافق يظهر الإيمان لأجل مصالح يراها ، ويبطن الكفر.
ولعل الآية تشير إلى ظنهم السيء هذا ، وتقرعهم عليه بأنه : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٢).
__________________
(١) الآية ٧ من سورة محمد.
(٢) الآية ١٦١ من سورة آل عمران.