كان ، ومهما كان. ولا يهتم هذا الدين ، وهذا النبي «صلى الله عليه وآله» للدعاوى الفارغة التي يطلقها هذا أو ذاك ، وإنما يهتمان بتقييم الإنسان على أساس ما يقدمه على صعيد الواقع ، ونفس الأمر.
وأبو دجانة قد تعرض للامتحان ونجح فيه. أما غيره ؛ فقد أثبت الامتحان عدم جدارته ، أو استحقاقه لما يعد نفسه له ممن يتستر خلف دعاوى فارغة لا أكثر ولا أقل ، حتى إذا جد الجد رأيته يتعجل الهزيمة ، ويكون أبطأ من غيره في العودة ، أو لا يعود أصلا إلا بعد حسم الموقف.
فكان لا بد من إعطاء الضابطة للمسلمين جميعا ، وإفهامهم : أن الإسلام واقعي بالدرجة الأولى ، وأن مصب اهتماماته هو المضمون والمحتوى.
وأنه يقيم الإنسان على أساس أعماله ، لا على أساس دعاواه وأقواله ، ولا على أسس أخرى ، ربما لا يكون له خيار فيها في كثير من الأحيان. فطلحة ، وسعد ، وأبو بكر ، وعمر ، والزبير ، وعثمان الخ .. وإن كانوا من المهاجرين الذين ربما يعطون أو يعطيهم الناس امتيازا لذلك ؛ وإن كانوا قرشيين ؛ وكان لهم بالنبي «صلى الله عليه وآله» صلة من نوع ما بسبب أو نسب. إلا أن كل ذلك إذا لم يكن معه الإخلاص ، وإذا لم يكن الله ورسوله ، وجهاد في سبيله أحب إليهم من كل شيء حتى من أنفسهم ، فإنه يبقى منحصرا في نطاقه الخاص ، ولا ينبغي أن يتعداه إلى غيره ، بحيث يخولهم الحصول على امتيازات لا يستحقونها.
وأخيرا : فقد ذكر المؤرخون : أن سلمان الفارسي أيضا قد كان يقوم بنفس دور أبي دجانة في حماية الرسول «صلى الله عليه وآله» ، حيث جعل نفسه وقاية لرسول الله «صلى الله عليه وآله» من وراء ظهره ، من سهام