فأمّن عبد الله على دعاء سعد.
فشتان ما بين سعد وعبد الله ، فإن عبد الله قد جاء يطلب الموت ، وجاء سعد يطلب ما يرى أنه يفيد في استمرار تمتعه بمباهج الحياة ، وزبارجها وبهارجها.
ونعود فنذكّر هنا بما قاله المعتزلي ـ وهو يتحدث عن علي «عليه السلام» ـ : هذا يجاحش على السلب ، ويأسف على فواته ، وذاك لا يلتفت إلى سلب عمرو بن عبد ود ، وهو أنفس سلب ، ويكره أن يبز السبي ثيابه ، فكأن حبيبا ـ يعني أبا تمام ـ عناه بقوله :
إن الأسود أسود الغاب همتها |
|
يوم الكرية في المسلوب لا السلب (١) |
ونزيد هنا : أن الذي يجاحش على السلب ، ويدعو الله أن يقتل مشركا من أجل سلبه ، ويأتي إلى الحرب بهذه النفسية ، لا يتورع ـ حين يفوته ذلك ، ويواجه خطر الموت ـ من أن يفر من الحرب ، ويترك الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» لسيوف المشركين تنوشه من كل جانب ومكان!!
كما أن من تكون الدنيا عنده أهون من عفطة عنز ، ولا تساوي الخلافة عنده شسع نعله ، ويكون من الرسول والرسول منه ، ولا سيف إلا سيفه ، كيف ، ولماذا يفر يا ترى؟!
فلا عجب إذا إذا رأينا هذا يثبت ، ويتلقى السيوف بنحره وجسده ، وذاك يفر طلبا للسلامة ، ولأجل الاحتفاظ بالحياة.
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٣٧ ملخصا.