فقد روى القمي «رحمه الله» : أن جبرئيل «عليه السلام» نزل على النبي «صلى الله عليه وآله» ، فقال : يا محمد ، إن الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم ، ولا يخرج معك إلا من به جراحة ؛ فأمر «صلى الله عليه وآله» مناديه أن ينادي بذلك (١).
ويؤيد ـ أن هؤلاء السبعين هم المجروحون ـ : قوله تعالى في هذه المناسبة : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ)(٢).
وقد قلنا : إنه إذا كان الذين خرجوا هم المجروحون فقط ، فلا معنى لذكر أبي بكر وعمر وغيرهما ، ممن لم يكن به جراح في الخارجين إلى حمراء الأسد. وعلى كل حال ، فقد خرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالمجروحين من أصحابه ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، وكان حامل لوائه علي «عليه السلام» ، وكانت قريش في الروحاء ، على بعد خمسة وثلاثين أو اثنين أو ثلاث وأربعين ميلا من المدينة حيث تلاوموا هناك فيما بينهم ، وقالوا : لا محمدا قتلتم ، ولا الكواعب أردفتم. قتلتموهم حتى إذا لم يبق إلا الشريد تركتموهم ، ارجعوا فاستأصلوهم قبل أن يجدوا شوكة.
فقال صفوان بن أمية : لا تفعلوا ، فإن القوم قد حربوا (٣) ، وقد خشينا أن يكون لهم قتال غير الذي كان.
أو قال لهم : إن محمدا وأصحابه الآن في حنق شديد مما أصابهم ، فوالله
__________________
(١) تفسير القمي ج ١ ص ١٢٥ ، والبحار ج ٢٠ ص ٦٤ عنه.
(٢) الآية ١٧٢ من سورة آل عمران.
(٣) حرب : اشتد غضبه.