ذلك ـ بزعمهم ـ يثير المشاعر ، ويذكر الرجال بالعار الذي لحق بهم.
ومضت قريش تستعد لقتال النبي محمد «صلى الله عليه وآله» ، وتعبئ النفوس ، وتجهز القوى الحربية لأخذ الثأر ، ومحو العار. ومضى اليهود الذين أصبحوا يخافون على مركزهم السياسي ، والاقتصادي في المنطقة ، وعلى هيمنتهم الثقافية أيضا يحرضون المشركين على الثأر ممن وترهم ، وأعلنوا بالحقد ، ونقض العهد ، حتى كال لهم المسلمون ضربات صاعقة ، هدت كيانهم ، وجرحت وأذلت كبرياءهم وغرورهم.
ومن جهة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ، ومن معه من المسلمين ؛ فإنهم لن يتخلوا عن قبلتهم ، الكعبة ، ولن يتركوا قريشا وغطرستها وغرورها ، لا سيما بعد تعدّيها عليهم ، وظلمها القبيح لهم ، حتى اضطرهم ظلمها وتعدّيها إلى الهجرة من ديارهم ، تاركين لها أوطانهم ، وكل ما يملكون.
وكذلك ، فإن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» قد حاصر قريشا بمعاهداته للقبائل التي في المنطقة ، وموادعاته لها ، وأصبح يسيطر على طريق تجارتها ، ولم يعد هذا الطريق آمنا لها ، وأصبحت ترى نفسها بين فكي (كماشة) ، فلا بد لها إذا من كسر هذا الطوق ، وتجاوز هذا المأزق.
وهذا ما عبّر عنه ذلك الزعيم القرشي ـ كما تقدم في سرية القردة ـ بقوله لقريش :
«إن محمدا وأصحابه قد عوروا علينا متجرنا ، فما ندري كيف نصنع بأصحابه؟ لا يبرحون الساحل.
وأهل الساحل قد وادعهم ، ودخل عامتهم معه ، فما ندري أين نسلك ، وإن أقمنا نأكل رؤوس أموالنا ، ونحن في دارنا هذه فلم يكن لنا بقاء. إنما