وكلام ابن الكلبي هذا : يدل على عدم صحة ما رد به السهيلي وغيره على هذا بحجة أنه لو صح أنه كان جبانا لهجاه به الشعراء ، لأنه كان يهاجيهم كضرار وابن الزبعري. فلعل حسانا ـ لو صح أنه كان مع النساء في الأطم ـ كان معتلا بعلة منعته من شهود القتال (١).
أضف إلى ذلك : أن المؤرخين قد حكموا على حسان بالجبن بصورة مطلقة معللين إبقاءه مع النساء بذلك ، الأمر الذي يظهر منه أن جبنه كان معروفا لديهم ، لا أنهم استندوا في ذلك إلى خصوص هذه الرواية.
وأما لماذا لم يعيّر الشعراء حسانا بالجبن ، فقد قال الزرقاني : «إن ابن إسحاق لم ينفرد به ، بل جاء بسند متصل حسن كما علم ، فاعتضد حديثه.
وقال ابن السراج : سكوت الشعراء عن تعييره بذلك من أعلام النبوة لأنه شاعره «صلى الله عليه وآله» (٢).
ونزيد نحن على ذلك : أن هجاءهم لحسان لا مبرر له ، وإنما هم يريدون هجاء الإسلام ، ورسول الإسلام ، وجماعة المسلمين ، ولا يهمهم حسان كشخص من قريب ولا من بعيد.
وهذا بالذات هو ما يطغى على شعرهم المتبادل فيما بينهم.
ب : قصة حسان في الخندق أم في أحد؟!
وقد رويت قصة جبن حسان ، وقتل صفية لليهودي في غزوتي أحد
__________________
(١) راجع : الروض الأنف ج ٣ ص ٢٨١ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠٢ و ٣٠٣ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٨٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٦٤.
(٢) هامش السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٤٠ تحقيق الأبياري ، والسقا ، وشلبي.