المشورة؟ نحو ما جرى يوم بدر من تغير المنزل لما أشار عليه الحباب بن المنذر ، ونحو ما جرى يوم الخندق من فسخ رأيه في دفع ثلث تمر المدينة إلى عيينة بن حصن ليرجع بالأحزاب عنهم ؛ لأجل ما رآه سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة من الحرب ، والعدول عن الصلح ، ونحو ما جرى من تلقيح النخل بالمدينة ، وغير ذلك»؟! (١).
ونقل عن الإسكافي في رده على الجاحظ قوله : «ولقد كان أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله» يشيرون عليه بالرأي المخالف لما كان أمر به وتقدم فيه ، فيتركه ويعمل بما أشاروا به ، كما جرى يوم الخندق في مصانعته الأحزاب بثلث تمر المدينة ، فإنهم أشاروا عليه بترك ذلك فتركه وهذه كانت قاعدتهم معه ، وعادته بينهم» (٢).
ونقول :
وقد ناقشنا في كل ما استشهد به المعتزلي والإسكافي حول تغيير رأي النبي «صلى الله عليه وآله» ، وخطإه في آرائه في قصة تأبير النخل ، ثم قصة مشورة الحباب في بدر فراجع. وقصة عيينة في الخندق قد ظهر عدم إمكان قبولها بأي وجه ، فلا معنى لاعتراض المعتزلي على السيد المرتضى فيما قاله.
الصحيح والمقبول في هذه القضية :
ولا نمنع أن يكون ثمة عمل دبره النبي «صلى الله عليه وآله» من خلال إطلاق إشاعة عن أمر كهذا ، من شأنها أن تحدث فجوة في جدار الثقة الذي
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي ج ١٧ ص ١٩٩.
(٢) المصدر السابق ج ١٣ ص ٢٦٠.