هذا ما أحببنا الإلماح إليه في هذا المجال ، ولننظر الآن ماذا يقول الآخرون الذين يهتمون بالتبرير ، ويبرعون في التصوير ، فنقول :
المساس بشرف الإسلام :
قد حاول البعض شرح ما جرى ، بطريقته الخاصة ، فهو يقول : «على الرغم من المجاعة التى قاساها المسلمون ، والضيق الذي ألم بهم من جراء الحصار المتطاول ، والسهر والحراسة الموصولين ، فقد رأوا أن في القبول بمثل هذا الذل جرحا لكرامتهم.
وقال الأنصار الذين عنتهم هذه المساومة المقترحة مباشرة : إنهم لم يدفعوا أي جزية إليهم حتى في الجاهلية ، فكيف يطيقون الإذعان لهم ، خاصة وأن في الأمر مساسا بشرف الإسلام نفسه» (١).
وليت شعري كيف يقدم النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» على أمر فيه مساس بشرف الإسلام؟! إلا أن يكون «صلى الله عليه وآله» لم يدرك أن الأمر ينطوي على المخاطرة بهذا الشرف الراسخ ، والعز الباذخ؟! أو أن شرف الإسلام لم يكن يعنيه كثيرا ، وكان يعنيهم هم وحدهم دونه؟!
إستفادات وتوجيهات :
١ ـ لقد استفادوا من هذا الحدث فوائد وعوائد ، فقد قال أبو زهرة : «قد أفاد عرض الصلح أمرين عظيمين :
أولهما : أن النبي «صلى الله عليه وآله» علم عزمة أصحابه ، وأنهم
__________________
(١) حياة محمد ورسالته ص ١٦٨.